الأحد، 31 مارس 2019

مدرسة "مام جارة" القرآنية تجربة تستحق أن توسَّع


من خلال مدرسة سغن جارة للبنات في بروخان Porokhan يمكن إدراك جانب مما كان الشيخ محمد المصطفى بن الشيخ محمد البشير يتمتع به من بعد النظر. ففكرة تأسيس هذه المدرسة وما تتميز بها من أصالة تنم عن عبقرية الشيخ رحمة الله عليه ورؤيته الثاقبة.

فقد تمكن الشيخ من تفعيل مشاعر المحبة والتفاني التي يكنها المريدون والمريدات للسيدة الفاضلة مام جارة والدة الشيخ المجدد أحمد الخديم رضي الله عنهما لحشد طاقاتهم في إنجازمشروع تربوي عملاق يُجسد استمرارية مهمة الشيخة الوالدة ورسالتها التربوية السامية عبر الأجيال.

وتَمَثَّل المشروعُ في بناء مدرسة قرآنية خاصة لبناتٍ يحملن اسم "مام جارة" يدرسن فيها القرآن ويحفظنها ويتلقين تربيةً إسلامية سليمة، إلى جانب تكوين مِهَني مُتاحٍ للحافظات. فالمدرسة داخلية مجانية، تتوافر فيها جميعُ المرافق الظروف المعيشية الضرورية لضمان جودة العملية التربوية.

فهذه المدرسة النموذجية تفتح في حقيقة الأمر آفاقا جديدة للنظام التربوي السنغالي الذي يواجه عددا من الاشكاليات، منها قضية توفير التربية الجيدة للفتيات، وتحقيق مبدإ العدالة والانصاف في عرضه التربوي ووإيجاد حلول لمشكلة الموارد والتمويل.

وفي هذا السياق يكتسي هذا النموذج بُعداً وطنيا لما يمكن استفادته منه على مستوى البلد كله، لأنه يمكن أن يسهم في حل كثير مشكلات تعليم البنات لما يوفره من بيئة تربوية خالصة، كما أن المدرسة تجربة يمكن استلهامها في إطار تطوير المدارس القرآنية، وهو مشروع أساسي ضمن سياسة تنويع العرض التربوي من أجل تحقيق مبدأ الانصاف في النظام.

وأما أسلوبُ تمويل المدرسة القائم أساساً على الهدايا والتبرعات من "الدوائر" فهو يُقدم حلا مهما لمشكلة قلة الموارد المالية التي تعاني منها كثيرٌ من حكومات الدول النامية.
وبواسطة هذا الأسلوب من التمويل تنجز الطريقة المريدية مشاريعها وتترجم روح التضامن الاجتماعي إلي أرض الواقع.

هكذا نرى أن التجربة البرخانية، إلى جانب أهميتها في إطار النظام التربوي السنغالي، قادرة على تعزيز تربية البنات في البلاد لامكانية تكرارها؛ فربما نشهد في المستقبل مدراس السيدة حواء والسيدة فاط جاه وغيرهما من سيدات الطريقة الكريمات تدار على غرار مدرسة مام جارة.

الاثنين، 4 مارس 2019

كي لا نفرط في أغلى ما نملك!


هذا الأسبوع كنت في زيارة إلى بيروت، وقد شاركتُ قبل توجهي إلى المطار للعودة في جلسة نقاش بمركز للابحاث حول موضوع الهوية المقاومة ودورها في المجتمعات العربية. كانت الجلسة تضم حوالي خمسة عشر مثقفاً من أساتذة جامعيين ورجال دين وصحفيين. وقد لمستُ من خلال المداخلات بعض الهواجس المسيطرة على هؤلاء المثقفين مثل قضية الطائفية ومشكلة الهوية في المجتمع اللبناني.

في الحقيقة، عاشت لبنان فترات عصيبة من جراء الأزمات الطائفية والحروب الأهلية، وقد كان هؤلاء المثقفون ذوي انتماءات مختلفة : شيعة وسنة ومسيحية. لكن همهم المشترك كان إيجاد توافق في المجتمع يُمَكِّنه من تحقيق تعايش سلمي. وقد اكتشفت أيضا أزمة هويةٍ حادة يعاني منها مجتمعهم إلى جانب كثافة الحواجز المعنوية بين الطوائف المختلفة .

إشكاليات في بعض المفاهيم المريدية… إصدارٌ جديد للدكتور خادم سِيلا

تمثِّل المفاهيمُ أدواتٍ ضروريةً لبناء المعارف وتوجيهِ التفكير، ولذلك تؤثر تأثيراً بالغا في مواقف الناس وسلوكياتهم. وهي تتشكَّل ضمن سياقات مع...