الثلاثاء، 8 مايو 2012

سيادة القانون .. كيف تتحقق في السنغال؟!


يتفاءلُ أناس كثيرون بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأن السنغال سيشهد تغيراتٍ جذريةً في عديد من المجالات، وخاصة في أسلوب التسيير لشؤون الدولة وفي طريقة التعامل مع المواطنين وفي كيفية التدبير لموارد البلد. ويلوح من خلال تحليلات المراقبين أمل كبير في أن النظام الجديد سيضع حدا لكثير من مظاهر الفساد ولانحراف والتسيب، وأنه سيعمل بجد على تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق المواطنين وفرض سيادة القانون، وبالجملةِ على إيجاد "دولة القانون" بكل ما تحمله
العبارة من معنى.
ولكي تتحققَ هذه الآمال المشروعةُ ويتجسدَ معنى دولة القانون في مجتمعا، ينبغي  قبل كل شيء إعادة النظر في طبيعة قوانيننا حتي يمكن لجميع الموطنين أن يخضعوا لها.
وإذا كانت جل قوانيننا موروثةً من الاستعمار أو مستوردة ًمن الخارج أو مفروضةً على البلد من خلال الاتفاقيات الدولية ولا تتماشى مع القيم الدينية للمجتمع، سيكون من الصعب تطبيقها على جميع أفراد الشعب إلا إذا تحوَّلت "دولة القانون" إلى "دولة البوليس".
فعلى سبيل المثال، إذا ما سُنَّ قانونٌ لا يتفق مع تعاليم الإسلام، مثل تحليل ما حرمه الله أو تحريم ما أحله، فهل يكون المسلمُ المتمسكُ بدينه مُلزما بالخضوع لهذا القانون؟ وهل يُطبق عليه بالقوة؟ أم يظلُّ فاقدَ الأثر في واقع الحياة كما هو الحال بالنسبة لكثير من قوانيننا التي يجهلها أغلبُ المواطنين تمام الجهل أو لا يعترفون بها؟!
فمن منا يعرف ما في القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية أوبحقوق الأطفال أو بالحريات الفردية ونحوها من تفاصيل قد لا تتفق مع روح الإسلام وتعاليمه؟
في الواقع، لم تكن غالبية المسلمين في البلد مهتمة بكثير من هذه القوانين لأنها كانت مجرد حبر على ورق ولا أثر لها في واقع الحياة إلا نادرا، ولكن، حينما يتعلق الأمر بتفعيل هذه القوانين وتطبيقها على الناس جميعا يصبح من الضروري الاهتمام بتفاصيلها نصا وروحا.
وعلى هذا الأساس أرى أن من واجب المطالبين بـسيادة القانون أن يُعنوا أولا بمراجعة قوانيننا حتى لا تتصادم مع معتقداتنا وقِيَمِنا، وتضمنَ لنا الأمنَ والاستقارارَ، ولذا أقول لهؤلاء : فلتهتموا بطبيعة هذه القوانين قبل الاهتمام بسيادتها!!

سام بوسو عبد الرحمن
تياس ٨ مايو ٢٠١٢

هناك 4 تعليقات:

  1. الشكر لك على إثارتك لهذه النقطة الحساسة، غير أني أطالب بدولة القانون أولا أي سيادة القوانين المصوتة عليها، قبل النظر في طبيعة هذه القوانين، ذللك لأنني أرى أن طبيعة القوانين التي ندعو إلى سيادتها وتحكيمها على الجميع تغلب عليها صلاحية التطبيق وموافقتها للمصلحة العامة ولا تخرج من دائرة القيم والمبادئ الرئيسية نؤمن بها، وهي في نظري القوانين المتعلقة بتساوي الناس أمام سلطة القانون، وحماية المال العام ومحاربة الفساد الإداري ومحاكمة المختلسين للمال العام وغير ذلك من الأحكام التي قد نختلف في فروعات من أحكامها لكن روح هذا القانون سنتفق فيها.
    والناس يوم يملكون الوعي بسلطة القانون وقدرتها على إعادة التوازن واستتباب العدل والأمن الاجتماعي، يملكون في الوقت نفسه الوعي بتغيير القوانين التي تتعارض مع قناعاتهم العقدية والأخلاقية.
    أريد أن ألاحظ فقط بأن سيادة الحق العام على الجميع سيسمح للناس بتغيير هذا الحق العام ليوافق مطلب الجمهور والغالبية، والعكس لآ أراه ممكنا.

    ردحذف
  2. Mon Cher Same
    J'ai quelques problèmes avec le clavier arabe. Mais je dois dire d'emblée que c'est une question intéressante qui être suscitée et discutée. Moi je suis d'avis que le vrai problème du Sénégal n'est pas celui d'un n'état de droit ou son application. Notre problème est est un problème d'éducation de patriotisme de probité et de sensiblisation. Il faut necessairement former un nouveau type de sénégalais depuis la base. Ce n'est qu'après qu'on pourra parler de Dawlat Al-Qânône aw Tatbiquhâ
    Djim Dramé

    ردحذف
  3. أولا ,نشكركم على الطرح المفيد, ثم أني أودأن أشارككم الرأي لإيمانى بأن من أهم الأسباب التى تكفل للقانون الاحترام اللازم,والشعوربالإطمئنان لدى المخاطبين به تجاهه,أن يعبر عن واقع حالهم,ويتلاءم مع ظروفهم بشتّى نواحي الحياة ,فضلاعن ضرورةانسجامه مع النظام العام والآداب الشعبيين.

    ردحذف
  4. الموضوع ثري للغاية ولقد أعدت نشره في وقت مناسب فهذه القضية قضية أغفلناها حتى بلغ السيل الزبى، فهم يقولون بأن الدولة دولة علمانية ولكن مضار علمانيتها تميل أكثر إلى المسلمين وهم لا يشعرون أو لا يهتمون بالأمر إذ أنه (الدستور) في أغلب قوانينه يميل لصالح الجهة الأخرى. فأين المسلمون؟ وما سبب سكوتهم؟ وعلى كل فلك جزيل الشكر لإثارتك هذا الموضوع المهم. شيخ بار انيانغ

    ردحذف

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...