الجمعة، 18 مايو 2012

السلطة الدينية والسلطة السياسية في السنغال*

تشهد الساحة السنغالية في هذه الأيام نقاشا حادا حول العلاقة بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية أو بين الحقل الديني والسياسي، وقد احتدم هذا النقاش في خضم الأحداث السياسية الأخيرة؛ فقد أصدر بعض رجال الدين "أوامر" لتأييد أحد المترشحين في الانتخابات الأخيرة و صرح أيضا الرئيس المنتخب بأن الشيوخ "مواطنون عاديون"مما أثار ضجة إعلامية وجدلا حاميا حول الدور السياسي للشيوخ، ووضعهم في الحياة العامة.
وفي مثل هذا السياق يصبح من الضروري تناول تلك العلاقة  بالدراسة والمناقشة لما يمكن أن يتنج من التباسها من سوء فهم يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة تضر بدين الناس ودنياهم.
ولمعالجة هذه الإشكالية في الواقع السنغالي، نتعرض أولا لهذا التقسيم بين  الروحي والزمني في نظر الإسلام ثم مواقف العلماء تجاه العلاقة بين الدين والسياسة قبل محاولة تحديد شروط التعايش بين السلطة الزمنية والدينية في وضعنا الراهن.

الثلاثاء، 8 مايو 2012

سيادة القانون .. كيف تتحقق في السنغال؟!


يتفاءلُ أناس كثيرون بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأن السنغال سيشهد تغيراتٍ جذريةً في عديد من المجالات، وخاصة في أسلوب التسيير لشؤون الدولة وفي طريقة التعامل مع المواطنين وفي كيفية التدبير لموارد البلد. ويلوح من خلال تحليلات المراقبين أمل كبير في أن النظام الجديد سيضع حدا لكثير من مظاهر الفساد ولانحراف والتسيب، وأنه سيعمل بجد على تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق المواطنين وفرض سيادة القانون، وبالجملةِ على إيجاد "دولة القانون" بكل ما تحمله

الثلاثاء، 1 مايو 2012

للعامل حق في الإضراب ولكن... !


كثيرا ما يحدث تجاذب بين الحقوق والواجبات، بين الحريات والمسؤوليات أو بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فيصبح الفرد متنازعا بين طرفين أو بين مطلبين يكون إرضاء أحدهما على حساب الآخر بالضرورة، وهنا يتدخل الضمير والقيم لترجيح كفة أحد الطرفين .
فحينما يمارس الإنسان عملا ما يوجد نوعان من المردودية
لهذا العمل: منفعة العامل ومنفعة المستفيدين منه. ومن هنا يكون من حق العامل أن يدافع عن مصلحته الخاصة ومن واجبه أيضا ألا يجحف بحق المستفيدين من عمله.
والإضراب وسيلة يستخدمها العامل للضغط حينما يشعر أن صاحب العمل يتضرر من الإضراب أكثر من تضرره هو إذا تنازل عن أجرته فينتج من ذلك سعي للتفاهم في أسرع وقت ممكن.
ولكن، قد يكون صاحب العمل شخصية اعتبارية والمستفيد منه طرفا ثالثا يكون  هو المتضرر الوحيد من الإضراب، لأن العامل يظل يتقاضى أجرته رغم امتناعه عن العمل، كما هو الحال في إضراب المدرسين في المدارس العمومية وأعضاء هيئة الرقابة.
ففي مثل هذه الحالة، إذا كان للمعلم او المشرف حق مكفول في الإضراب لتحقيق مطالبهما فهل للأول  أن يضحي بحق الأطفال في الدراسة وللثاني بحق المعلمين ويحتفظ كل واحد منهما في الوقت نفسه بكامل راتبه؟
 فهذه هي الإشكالية التي اطرحها على طاولة النقاش.
               سام بوسو عبد الرحمن

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

المريدية والسلطة السياسية في عهد الرئيس عبد الله واد.. قراءة نقدية

بقلم سام بوسو عبد الرحمن

(تنبيه !: كتبت هذه المقالة في يونيو ٢٠١١ م قبل قبل خروج عبد الله واد من السلطة وآثرتُ عدم نشرها في ذلك الوقت بسبب جو الانتخابات)

توجَّه عبد الله وادْ إلى طوبي غداةَ فوزه التاريخي في الانتخابات الرئاسية في شهر مارس ٢٠٠٠ لزيارة شيخه الخليفة العام للطريقة المريدية ولتلقى دعواته، كما وعد بذلك أثناء الحملة الانتخابية، فأثار هذا الحدث ضجة إعلامية كبيرة ونقاشا واسعا بين المريدين أنفسهم والعلمانيين والمحللين السياسيين على حد سواء؛ ولأول مرة في التاريخ السياسي السنغالي يعلن رئيس جمهوري على الملأ انتماءه إلى طريقة

الأربعاء، 4 أبريل 2012

هل حققنا الاستقلال؟!


يحتفل السنغال اليوم بذكرى استقلاله الثانية والخمسين واختارت السلطة الجديدة أن يكون الاحتفال بسيطا على خلاف المعتاد في مثل هذه المناسبة، وهذا يتفق مع التوجه الجديد الذي رسمه الرئيس السيد ماكي سال في أول خطاب رسمي له إلى الأمة، حيث بين أنه يريد الاستغناء عن مظاهر الأبهة والفخفخة في الاحتفالات والتركيز على البساطة والجدية في العمل لأن ظروف البلاد لا تسمح بأي نوع من أنواع العبث بالممتلكات العامة ــ وهذا اتجاه محمود نتنمى أن يوفق فيه ـــ ومع ذلك يستوقفنا الحدث للتساؤل حول استقلالنا الوطني.
في الواقع، حين يحتفل شعب ما بالاستقلال الوطني يُسلم ضمنا أنه قد حققه، و لكن، إذا راجعنا مدلول الاستقلال يمكن لنا أن نتساءل - نحن السنغاليين - عن مدى حصولنا على هذا الاستقلال بمدلوله الحقيقي. فمن المعاني التي عثرت عليها لكلمة الاستقلال: التحرر من أي سلطة خارجية أو تفرد الدولة بحكم نفسها من غير دخيل وهذا التحرر يعني التمتع بالسيادة الكاملة وعدم الخضوع لأي سلطة خارجية من جميع النواحي، سياسيا واقتصاديا وثقافيا إلخ، بحيث يملك الشعب بحرية تامة قراره السياسي وخياره الاقتصادي وتوجهه الفكري والثقافي بدون تأثير خارجي مباشر.
ومن المعروف أن القرارات والخيارات والتوجهات تتأسس على عقلية ورؤية، فقد يبدو الإنسان حرا طليقا في إرادته، ولكنه في حقيقة الأمر مسير ومقيد برؤية معينة تنظر بها نحو الأشياء، ولا أظن أن الرؤية التي تدار شؤون بلادنا بناء عليها منذ حصولنا على "الاستقلال" قد تخلصت من السيطرة الأجنبية و من القيود الخارجية. فالقرار السياسي يمكن أن يخضع لقيود خارجية موضوعية ويبقى صاحبه مستقلا بإرادته إذا كانت هذه الإرادة منبثقة عن رؤية خالصة لم تشكلها ثقافة أجنبية.
بناء على هذا التحليل، أطرح هذه الأسئلة، هل حصلنا على الاستقلال الحقيقي؟ إذا كان الجواب بالنفي، ما هي الطريقة إلى تحقيقه ؟
وربما نساهم في الجواب في لقاء آخر إن شاء الله!

مقالات ذات صلة
الاستقلال عندي!
متى نحقق الاستقلال الفكري؟
إلى أين يتجه السنغال؟!

الاثنين، 2 أبريل 2012

إلى أين يتجه السنغال؟!


في الأيام الماضية تعالت أصوات التهاني للشعب السنغالى بعد خروجه بفخر واعتزاز من انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، وبعد اعتراف المرشح المنهزم بهزيمته قبل إعلان النتائج بصفة رسمية، وعجت الشوارع بالمحتفلين بفوز مرشح المعارضة السيد ماكي سال. واليوم قام الرئيس المنتخب بأداء يمينه الدستوري وتوج رسميا رئيسا للجمهورية.
وهذه اللحظات تعتبر بحق لحظات تاريخية يمر بها السنغال على غرار الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس السابق عبد الله واد سنة ٢٠٠٠م
.

وهي لحظات تمثل في واقع الأمر مرتعا خصبا للنقاش والتحليل واستشراف المستقبل، وفي خضم النقاشات والتحليلات الجارية حول الآفاق المستقبلية للوطن وطبيعة الدولة ومؤسساتها وتوجهاتها وخياراتها التنموية، يظهر ما يشبه التركيز على طبيعة العلاقات بين السياسة والدين على اختلاف زوايا النظرة إليها. وهي علاقات تُختزل غالبا في العلاقة بين رئاسة الجمهورية والطرق الصوفية أو في موقف الشيوخ أثناء الحملات الانتخابية وتُقَوَّم في أكثر الأحيان على ضوء المفهوم الغربي للعلمانية.

والمتابع في الأيام الحالية للتحليلات حول هذه القضية، يتلمس سعيَ البعض لنوع من تصفية الحسابات للقضاء نهائيا على نفوذ الزعامات الدينية في الحياة العامة ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك لتضعيف الانتماء الديني لدى المواطن السنغالي؛ وفي هذا الصدد يلمحون بضرورة إعادة النظر في المكاسب التي تحققت للمسلمين في عهد واد مثل إدخال التربية الدينية في المدارس الحكومية ودعم المدارس الفرنسية العربية والاهتمام بالمدارس القرآنية ونحو ذلك.

وفي مثل هذه الظروف التي تشهد سقوط نظام وقيام آخر، قد يغيب عن الأذهان أن بعض المكاسب تمثل ملكا للشعب في سياق تطوره التايخي وليست النظم إلا أسبابا مباشرة في تحقيقها ولا يمكن الرجوع عنها بمجرد انهيار نظام ما.

وأي محاولة لتحويل مسار الشعب نحو تحقيق ذاته واستعادة هويته باسم الديموقراطية أو العلمانية أو أي اسم آخر يمكن أن تؤدي إلي نتائج وخيمة؛ فليس من المقبول ، في رأيي استغلال سلوكيات خاطئة لبعض من تسميهم العوام برجال الدين لتصفية حسابات مع شريحة كبيرة من الشعب إن لم نقل غالبيته.

وفي الوقت الذي يجد السنغال نفسه في منعطف تاريخي حساس ينبغي على المثقفين والساسة دراسة الموقف بهدوء تام وأعصاب باردة ووعي عميق للتميز بين الثوابت والمتغيرات وبين ما للنظام وما للشعب حتى يتسنى لوطنا أن يتجه الوجهة الصحيحة بتماسك وانسجام وفقا لهويته الثقافية والدينية وطموحات أبنائه المشروعة.

فلا يتصور من الآن فصاعدا ـ في نظري ـ بناء مجتمع سنغالى ولا مكان للإسلام في ذلك الصرح بحجة الحداثة ومواكبة العصر، وإذا وجد من بين الحلفاء الصاعدين إلى السلطة من يريد سلوك هذا النهج وجر البلاد إلى هذا الاتجاه فذلك أمر جد خطير يستحق الإدانة والمواجهة.

سام بوسو عبد الرحمن

الثلاثاء، 20 مارس 2012

السيدة مريم بوسو "جارة الله" في ذكراها السنوية


في هذه الأيام تتوجه جموعٌ غفيرة من الناس إلى قرية بوروخان Porokhane بمنطقة سالُم Saloum لإحياء ذكرى السيدة مريم المشهورة بجارة الله والدة الشيخ أحمد بمب رضي الله عنهما.
وشخصية "سغن جارة" تحظي بإعجاب  المسلمين في السنغال وتبجيلهم لكونها مثلا رفيعا في التقوى والاستقامة وكرم الأخلاق والطاعة، إلى جانب كونها والدة الشيخ الأكبر مؤسس الطريقة المريدية.
وقد كانت "مام جارة" معروفة بزهدها وورعها واهتمامها بجيرانها ورعايتها لبيتها وعنايتها بتلاميذ شيخها "مام مور أنت سالي" وحرصها على تنشئتة أبنائها على العبادة والورع. وقد اختارتها العناية الإلهية لاحتضان مجدد عصرها الشيخ الخديم مصداقا لقوله تعالى "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه"[الأعراف، ٨٥]
وما سبب انتقال مام جارة من باول إلى منطقة "سالُمْ" إلا تلبية لدعوة الجهاد التي رفعها المجاهد مبه جاخو Mabadiakhou فهبَّ لها مع من هب زوجُها مام مور أنت سالي وأخوها سرين امبسوبي. وقد أبلت بلاء عجيبا في التحمل والمثابرة في ظروف قاسية بجميع المقاييس؛ والمتوجهون إلى بروخان اليوم يتصورون مدى معاناة هؤلاء الذين هجروا مسقط رأسهم إلى هذه المنطقة سعيا لإعلاء كلمة الله.

والحديث عن صفات سغن جارة ومناقبها مما طار به الركبان، ولا نبالغ إن قلنا إنها ورثت النساء الفضليات اللواتي نوَّه بهن الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم ابنت عمران، وإن فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (متفق عليه)
فقد شهد الرسول (ص) لهؤلاء الثلاثة بالكمال، وقد اختصت كل واحدة منهن بفضائل كثيرة. وإذا أمعنا النظر في حياة السيدة الكريمة "سغن جارة" وقارناها بحياة هولاء الفضليات يمكن أن نقف على جانب من مقامها الرفيع.
فإذا تأملنا حياة سغن جارة نجد فيها تشابها عجيبا بينها وبين حياة السيدة مريم عليها السلام من عدة وجوه: فتلك كانت عابدة قانتة متبتلة ملازمة للمحراب مجاورة في المعبد كما حكى القرآن الكريم " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا......”[آل عمران، الآية ٣٧] وهذه كانت يضرب بها المثل في التبتل والقنوت حتى سميت « جارة الله»
وتلك تميزت من بين نساء العالمين بالصفاء والطهارة فخصها الله تعالى بمعجزة زمانه سيدنا عيسى عليه السلام. وهذه تميزت بالعزم والتبتل والخدمة فاختصها بمجدد زمانه الشيخ الخديم (ض).
وتلك كانت واسعة البركة تأتيها الأرزاق من الله بدون تسبب أو اكتساب منها كما قال تعالى " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب"[آل عمران، الآية ٣٧] وهذه تنصبُّ الآرزاق ببركتها في مثواها ببروخان، ومناسبة ذكراها شاهدة لهذه الظاهرة.
والسيدة آسية هي امرأة فرعون التي برهنت بأن المرأة المومنة تستطيع أن تبلغ بإيمانها مالا يبلغ الكثير من الرجال، وقد ضرب الله بها مثلا في الإيمان " وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" [التحريم، الآية ١١] وأما السيدة عائشة فقد كانت مثلا أعلى في رعاية بيتها وطاعة زوجها صلى الله عليه وسلم وإرضائه بكل ما أوتيت من وسائل. وإذا تأملنا نجد في السيدة مريم ما في هاتين السيدتين من صفات الإيمان والطاعة والرعاية، ولذا لم نكن نبالغ حين ادعينا أن صفات هؤلاء الصالحات توفرت فيها، وحازت في عمرها القصير –٣٣ سنة – ما كلَّ اللسان عن ذكرها من المناقب.
وقد كان الشيخ محمد البشير(رضي الله عنه) دقيقا في وصف "سُغْنَ جارة" حين قال  في كتابه منن الباقي القديم " وكانت الوالدة جارة الله مريم صالحةً عفيفةً ديّنةَ كثيرةَ الصلاة والصوم والصدقة، مستسلمةً لربها قائمةً بواجبات دينها، بينها وبين ربها وفيما بينها وبين الشيخ الإمام قرينها" [المنن بتحقيق د محد شقرون ص34]

وذكرى هذه السيدة الكريمة مناسبة جميلة لاستخلاص دروس من حياتها وخاصة في هذه الظروف التي ضاعت فيها كثير من القيم واغترت فئات من النساء المسلمات بزخارف الحضارة المادة السائدة.

رضي الله عن السيدة ونفعنا بها آمين

من كرامات الشيخ أحمد بمب رضي الله عنه ... إصدار جديد لدائرة روض الرياحين

"عُرف  الشيخ الخديم رضي الله تعالى عنه بكراماته الكثيرة التي تناقلتها الركبان، ورواها ثقات عن ثقات في سياقات مختلفة من حياته، ولكن أبرز...