الاثنين، 11 مايو 2015

قضية إرسال الجنود السنغاليين إلى المملكة العربية السعودية: وقفة تأمل!

P
لم أكن أشعر بضرورة الكتابة حول قضية إرسال الجنود السنغاليين إلى المملكة العربية السعودية على الرغم مما تلقيته من رسائل عبر صفحتي في الفيسبوك تستفسر عن موقفي تجاهها. لكن بعد ما سمعتُ عبر وسائل الإعلام جمعيات إسلامية تعلن مساندتها للقرار بدافع ديني قلت في نفسي إن القضية الآن تحتاج إلى وقفة تأمل.


إن لكل دولة ذات سيادة في الواقع حقَّ اتخاذ قرارٍ تراها خادمة لمصالحها وليست ملزمة دائما بتوضيح ملابسات وأسباب ذلك القرار على الملأ لأسباب استراتجية. وللحكومة السنغالية في هذا الإطار أن تتخذ قرارا بإرسال جنودها إلى دولة أخرى مع احترام القوانين والمبادئ الدولية. وهذه الحقيقة معروفة سياسيا، وما لا نفهمه هو محاولةُ ساستِنا تبريرَ قرار رئيس الدولة بمبررات دينيةٍ غير معقولة وجد خطيرة في الوقت نفسه.
فالادعاء بأن الجنود السنغاليين أرسلوا من أجل الدفاع عن الحرمين الشريفين ضد جماعة الحوثيين في اليمين - كما يردد حاليا- أعتبره استخفافا بعقول الناس أو تلاعبا بالرأي العام. فالسعودية نفسها، على حد علمي، لم تُبرر علنًا حملتَها العسكرية ضد اليمن بالدفاع عن الحرمين الشريفين بل بحماية الشرعية في هذه الدولة المجاورة لها.

وخطورة مثل هذا التبرير (الدفاع عن الحرمين الشريفين) تكمن في أنه يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن أي معارضة للقرار بحد ذاتها خطيئة أو معارضة للمملكة السعودية ذاتها لأسباب دينية، فيتحول النقاش لديهم إلى نقاش عقدي بدلَ أن يكون سياسيا صرفا. ومن ناحية أخرى فالأطراف المعنية بالحرب في تلك المنطقة تُغذّي فيما بينها صراعات ونزاعات دامية ذات خلفية عقدية (بين سنة وشيعة) منذ ما يربو على ١٤٠٠ سنة.
والمشاركة في صراعٍ ما يدور في تلك المنطقة باسم الدين قد تزج بلادنا في أوج ذلك الصراع أو تنقله إلى ساحتنا. فحين نسمع بعض الجماعات السنية (السنة هنا بمقابل الشيعة) تُعلن مساندتَها للقرار واستعدادها للمظاهرة من أجل المطالبة به لو لم يُتخذ، فلا نستبعد، في المقابل أن تقوم جماعات شيعية موقفا مناهضا، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتصور إلى أي مدى يمكن أن يصل إليه مثل هذه المساجلة وآثارها.

ومن هنا أدعو جميع المهتمين بالقضية إلى التحلى بروح المسئولية وعدم خلط الأوراق لأي سبب من الأسباب. فالرأي العام السنغالي أصبح في درجة من النضج بحيث لا يحتاج إلى مبررات غير معقولة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى نتائج غير مرغوب فيها.
نسأل الله السلامة والأمن والاستقرار لبلادنا ولسائر بلاد المسلمين

مقالات ذات صلة
حرب المفاهيم !



هناك 3 تعليقات:

  1. اليس قولك (( ومن ناحية أخرى فالأطراف المعنية بالحرب في تلك المنطقة تُغذّي فيما بينها صراعات ونزاعات دامية ذات خلفية عقدية (بين سنة وشيعية) منذ ما يربو على ١٤٠٠ سنة.))لم يعطي الطرف الآخر حق اعتباره حربا دينيا؟ وبالتالي فمبررات الحكومة له وجه معتبر أضافة إلى ذلك فالمملكلة العربية السعودية أمنها مهدد من قبل الحوثيين علنا قال عبد الملك الحوثيين سنرفع سيوفنا طائفين الكعبة..أليس هذا تهديدا مباشرا للحرمين؟

    ردحذف
  2. مما لاأفهمها لماذا اختاروا سنغال دون غيرها. فالسنغال متخلف عسكريا . لغز ....

    ردحذف
  3. شكرا يا فضيلة المفتش
    وكما هو الامر فالحرب هذا بين طائفتين من المومنين أصلا، وكنت أرى أن لو كان القضية ذات لب ديني لاتبع فيه ما أمر به الشرع الاسلامي {وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا اللتي تبغي حتى تفيء إلى أمرر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما ...}.
    يا ترى
    الاصلاح أولا وآخرا، أما الحرب ففي المرتبة الثانية، فيكون تقديم الحرب خطأ في الدين، وفي الدولة كما قلتم وصدق زهير حين قال:
    (وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمو *** وما هو عنكم بالحديث المرجل).
    جعلنا الله من الفرقة الناجية.

    ردحذف

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...