الخميس، 30 مارس 2023

افتتاح مجمع الشيخ أحمد الخديم ... دلالات وآفاق


في الثالث عشر من شهر مارس ٢٠٢٣م عُقدت الجلسة الافتتاحية لقسم التمريض والقبالة بالمعهد العالي للعلوم والمهن الصحية التابع لمجمع الشيخ أحمد الخديم بطوبى، وبذلك اكتملت فروع المجمع التي تنطلق في هذه السنة؛ وهي المعهد القرآني، والمجالس التعليمية ( المحظرة ) وكلية الدراسات الإسلامية والعربية،  وقسم التمريض والقبالة
.

وهكذا بدا مشروع الشيخ محمد المنتقى التربوي العملاق يتجسد عمليا من الناحية الأكاديمية، بعد اكتمال الجزء الأكبر  من المرافقفمنذ أربع سنوات، انطلقت اللجان الفنية بقيادة الشيخ احمد البدوي بن الشيخ محمد الفاضل لبلورة المنهاج التعليمي والتكويني المبني على الرؤية التربوية للشيخ الخديم وهي رؤية قائمة على ثلاثية «العلم النافع والعمل الصالح والادب المرضي».

 

 وفي زمن قياسي وبفضل الهمم الرفيعة لعلماء الطريقة وخبرائها ومربيها تمَّ بناء المناهج، وفي الوقت نفسه سارت على هذه الوتيرة عملية تشييد المباني وتجهيزها.

وفي الخامس عشر من رجب ١٤٤٤ه الموافق للسادس من شهر فبرائر ٢٠٢٣م، حضر الشيخ الخليفة بنفسه في المجمع  ليبارك افتتاحه.  

الشيخ محمد المنتقى حين يعلن قيام هذا المشروع وضَّح رؤيته وغايته التي كان يرنو إليها: تحقيق أمنية الشيخ في أن تكون مدينة طوبى مدينة علمية وقبلة يؤمها طلبة العلم من كل صوب، مدينة تقود النهضة العلمية والثقافية للبلاد وللأمة جمعاء

 

وفي افتتاح المجمع دلالات ورموز ومعان عميقة، فحين كان الشيخ يباشر إلقاء الدرس الاول للأطفال استخدم لوحة كان الشيخ الخديم نفسه استخدمها لتلقين الدرس الاول من القرآن الكريم لأحد مريديه وهو الشيخ محمد لوح ابن الشيخ مختار بنت لوح ولقن الاطفال البسملة، وفي ذلك إشارة الى كون هذا المدرسة امتدادا للمدرسة الخديمية التي ذكرها في قوله:

 بالمصطفى لي بنى القدور مدرسة                بها يزول الأذى والجهل والكبد

 

وفي الجلسة الافتتاحية للمجلس التعليمي باشر الشيخُ الحاجّ امباكي جخت عميد معهد دار المعارف تلقين الدرس الاول من كتاب "تزود الصغار " للأطفال حفظة القرآن الكريم. ودار المعارف مجلس تعليمي أسسه الشيخ محمد الفاضل في المسجد الجامع تنفيذا لإرادة الشيخ الخديم، وقد أكد في كلمته أن محظرة المجمع امتداد لدار المعارف، فكان في ذلك دلالةٌ أخرى على تمدُّد تلك الشعلة المباركة من المسجد الجامع إلى مجمع الشيخ أحمد الخديم. 

فهذه الاشارات تؤكد الدور المحوري الذي سينهض به هذا المجمع التربوي في تحقيق طفرة علمية مباركة شاملة، إلى جانب دور المؤسسات التربوية التي أقامها رواد التربية الحديثة في الطريقة المريدية، وفي مقدمتهم المجاهد الأكبر الشيخ محمد المرتضي ابن الشيخ الخديم، والشيخ أحمد امباكي ابن الشيخ محمد المصطفى رضي الله تعالى عنهم. فهذه المؤسسات التربوية بالإضافة إلى المجالس التعليمية التقليدية العريقة أسهمت بشكل كبير في الحفاظ على التربية الإسلامية ونشرها في البلاد حتى قام المجمع، باعتباره مؤسسة تابعة للخلافة المريدية، ليصبح دعامة التطور العلمي في السنغال وفي إفريقيا كلها. 

 

والنظام التربوي المبني على ضوء الرؤية الشيخ الخديم وتوجيهات خليفته يقوم على الجمع بين التربية الدينية والتكوين الأكاديمي والمهني وإزالة الحواجز اللغوية والثقافية التي تعوق التفاعل الحيوي المثمر بين قوى المجتمع الإسلامي في إنجاز المشاريع الكبيرة وضمان تنمية المجتمع وتقدمه

 

وانطلاق هذا المجمع، في حقيقة الأمر، يفتح آفاقا واسعة للمنطقة من الناحية العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية فالمجمع سيكون كعبة علمية ومركز إشعاع ثقافي في طوبى وسيخلق دافعا قويا على البحث العلمي كما أنه سيسهم في إحياء وحفظ ونشر التراث العلمي والادبي للشعب السنغالي عموما وللمريدية خصوصا.

 ومن الناحية الاقتصادية تمثل عملية التكوين عصب التنمية، لأن من شروطها توافر موارد بشرية ذات كفاءة مهنية، وتقنية عالية.

 ومن الناحية الاجتماعية تعد التربية الدينية الصحيحة ركيزة الحياة الاجتماعية السليمة وهي التي تضمن للمجمع التماسك والانسجام.

 

فالمجمع، في نهاية المطاف، يعزز الآمال في تقدم علمي نوعي في طوبى، وفي البلاد عموما، هذا التقدم الذي سوف يرفع المدينة المحروسة إلى مصاف المدن العلمية العريقة المشهورة في تاريخ الحضارة الإسلامية مثل المدينة المنورة، والكوفة، والبصرة وغيرها من المدن الإسلامية كما ذكره شيخنا المنتقى حين كان يعلن هذا المشروع.  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...