الشيخ
محمد بوسو المشهورُ
بـ"سَرِينْ
مُورْ سُغْنَ"
Serigne
Mor Sokhna
واحدٌ
من الرعيل الأول من أتباع الشيخ الخديم
- رضي
الله عنه-
المقرَّبين
إليه، ومن أبرز شيوخ الأسرة البسوبية
المشهود لهم بالولاية، لشدة زهدهم وورعهم
وتقواهم.
-
نسبه
وميلاده
وُلد
الشيخ مور سغن رضي الله تعالى عنه سنة
١٢٨٢هـ/
١٨٦٥م
في قرية تسمى مبسوبي Mboussobe
في
جلف Jolof
. ووالدُه
هو الشيخ مصمب بوسو [
سرين
سا بوسو]
بن
محمد بن مطبر ، وجده الثالث هو حماد بن
علي أول من قَدِم من فوتا طور (Fouta
toro)
إلى
أرض جُلُفْ التي كانت قبائل وُلوف
(wolof(
تسكنها.
كان
والده رضي الله تعالى عنه -
أخو
السيدة مريم بوسو جارة الله لأبيها رضي الله
تعالى عنهما -
ممن
هاجروا إلى سالم في عهد المجاهد مَبَهْ
جَخُو با Maba
Diakhou Ba
رضي
الله عنه، وقد توفي في قرية ناول Nawel
ويوجد
قبره على بُعد عشرات الأمتار من قبر
السيدة مام أَسْتَ والو امباكي Mame
Asta Walo.
وأما
والدته فهي السيدة الفاضلة سُخْنَ امباكي
المعروفة بـ"سُخْنَ
خُجَ "Sokhna
Khoudia
" بنت
الشيخ امباكي رَمَتَ بن الشيخ سَيَرْ
سُخْنَ بوسو بن الجد الكبير الشيخ مهرم
امباكي .
وكانت
حاضنة َشيخنا أحمدَ الخديم رضي الله تعالى
عنه التي ذكرها الشيخُ محمد البشير في
كتابه "منن
الباقي القديم"
حين
قال "
وحكت
حاضنتُه أنه [الشيخ
الخديم]
لم
يكن يعتريه شيء مما يعتري الصبيان من
البكاء والتلهي ولو بلغ الحد من الجوع1"
نشأ
سَرِينْ مُورْ سُخْنَ في حجر هذه الأسرة
الطيبة المعروفة بالديانة والمروءة
والعفَّة، وحفِظ القرءان في سنٍّ مبكرة
، ودرس العلوم اللغوية والشرعية، ثم
تلقَّى تربيتَه الروحيةَ على يدي مجدد
ِعصره الشيخ الخديم-
رضي
الله عنه-
حتى
صدَّره وأصبح من العلماء العابدين
المعروفين بالصلاح والزهد في الدنيا
وحسن الخلق.
وكان
مقرئا للقرآن يقضي أوقاته في تلاوته
وتدريسه.
-
علاقته
بالشيخ الخديم رضي الله عنهما
كان
الشيخ مُورْ سُخْنَ من المريدين المقرَّبين
إلى الشيخ الخديم -
رضي
الله عنه -،
فقد بايعه منذ بداية الدعوة ولازمه في
امباكي بَوَلْ وفي دار السلام وشارك في
بناء طوبى2.
ويُعدُّ
من الرجال الذين انعزل بهم الشيخ في هذا
المكان الطاهر قبل غيبته البحرية لتربيتهم
وترقيتهم .
وكان
مع الشيخ إبر فاط والشيخ محمد الأمين غاي
والشيخ أحمد الصغير امبي في محل واحد،
وقد كان الشيخ المربي رضي الله عنه وَزَّع
أتباعه في طوبى على أربع مجموعة كل واحدة
منها في دار.
كان
سرين مُورْ مِن بين مَن التحقوا بالشيخ
الخديم رضي الله عنه في موريتانيا ومكث
برفقته فيها.
وفي
هذه الأثناء أظهر له الشيخُ كرامةً حيث
أخبره بولادة بنتٍ له، وذلك قبل وصول حامل
النبإ إلى مقر إقامتهما، وسماها خديجة (
وهي
والدة سرين شيخ انجاي خر بوسو).
وفي
جُربل كان يلازم الشيخَ لفتراتٍ طويلة؛
ويُروَى أنه كانَ أولَ من تلقَّى من الشيخ
قصيدةَ "
جاورت
بالفرقان"
بُعيدَ
فراغه من تأليفها مباشرة، وقد أمره الشيخ
بقراءتها مع الأتباع الموجودين معه؛
فسُرَّ الجميع ، إلا أن سَرين مور حَزن
حزنا شديداً أثّر في ملامح وجهه، لشعوره
بأن الشيخ يؤذن في هذه القصيدة بتأهُّبه
للرحيل إلى جوار ربه، ولما سأله بعض
الحاضرين عن سبب حزنه قال:
ما
ذا بعد التمام إلا النقص!”3
ولما
رجع إلى غيدي
Guédé
من
هذه الرحلة ، وقابله أخوه سرين مور كنه
امباكيSerigne
Mor
Kouna Mbacké
أراه
القصيدةَ وهمس إليه"
أن
أمراً جللاً يوشك أن يقع، فالشيخ يتأهب
للانتقال إلى جوار ربه ، فيما يبدو و مور
سغن – يعني نفسه -
لا حاجة له في دنيا قد خلت عن شيخنا".
وتُوفيَ
رضي الله عنه قبل شيخهِ بسنة.
كان
سرين مور يحظى بثقة شيخه رضي الله عنه؛
ومن شواهد هذه الثقة أن الشيخ الخديم رضي
الله عنه زوَّجه بكبرى بناته الشريفة
سغن فاط جاه امباكيSokhna
Faty Dia
– رحمة
الله عليها-
ثم
زوَّجه مرة أخرى ببنت شقيقه سرين مور
جارة Serigne
Mor Diara
وهي
السيدة عائشة امباكي -
رحمة
الله عليها 4.
-
علاقته
بمعاصريه
كان
سرين مور سخْن يتمتع بعلاقات طيبة مع
معاصره من العلماء والشيوخ، ويحظى بمحبتهم
وتقديرهم؛ وقد شهدوا له بالتقوى والصلاح،
يقول عنه العلامة الثقة سرين محمد دم رضي
الله عنه Serigne
Mouhamdou Deme
“
مور
سغن الذي لا يختلف اثنان من أهل
امبسوبي في ولايته".
أما
علاقة سرين مور بابن عمه العلامة الشيخ
امباكي "عالم
البلد ومفتيه"
رضي
الله عنه فهي علاقة أخوية وروحية متميزة
فكأنهما شقيقان، وقد وثَّق الشيخ الخديم
رضي الله عنه هذه الرابطة بجمعهما في محل
إقامة واحدة في قرية غيدي Guédé
شمالي
طوبى .
وكان
يتولى تدريس القرآن الكريم بينما كان ابن عمه الشيخ امباكي وأبناؤه يُدرسون العلوم
الشرعية واللغوية.
ومن
يعرف العلامةَ الغيدوي سرين امباكي يدرك
أنه لم يكن يداهن في الحق أو يجامل فيه،
وقلَّما مدح إنسانا آخر غير شيخه الخديم
رضي الله ومع ذلك مدح سرين مور سغن ببيتين
بليغين وهو يؤرخ لوفاته5
فقال :
أمَّا
الذي انـقـادَ لرشدٍ بالرَّسَنْ ***
أنيسُنا
ابنُ العـمِّ ذو الخُلْقِ الْحَسَن ْ
مُحـــمدُ
الندبُ فَـ"بـــــيْــــــنَ
"
عُمِّرَا
***
ليــــلةَ
"كَــــــــهْ"
قِعدةَ
دَمْسَشٍ سَــــــــرى6
وهذان
البيتان على وجازتهما يصفان بشكل بليغ
شخصيةَ سرين مور سغن؛ فالأول يُوضِّح التزامَه
بالاستقامة على الصراط المستقيم والسداد
في السلوك، كأنه لا يملك الفكاك عن هذا
الالتزام ولا القدرة على الانحراف عنه
لكونه منقاداً بالرسن، وهو الزمام.
وفي
البيت أيضا ذكر لتَحَلِّيه بحسن الخلق.
وهاتان
الصفتان، الاستقامةُ وحسنُ الخلق، ثمرتان
من ثمار التربية الخديمية تَظهران على
كل من تلقى بحقٍّ تربيتَه هذه.
وكونُ
الشيخ امباكي، على ورعه وشدة أمانته، هو
الشاهدُ يكفى دليلا على مكانة سرين مور
سخْن بين شيوخ عصره.
وفي
البيتين أيضاً إشارة إلى طبيعة العلاقة التي
تربط بين الشيخين؛ فقد اعتبر سرين امباكي
ابنَ عمه أنيسَه في الوحشة وأخاه في
القرابة ومساعده في المهام.
ونجد
العلامة المريد الصادق الشيخ مختار بنت
لوح، في قصيدته "تسهيل
المطالب"
بعد
ذكر أبناء الشيخ محمد البسوبي المشهور
بسرين امبسوبي Serigne
Mboussobé،
يذكر سرين مور سخْن ويصفه بأوصاف مشابهة
لما وصفه به العلامة الغيدوي حيث يقول :
وبابنِ
عَمِّ هؤلا **
ءِ
الكُــرمـــــــاءِ الفُضَلا
مـُحَمَّدٍ
بِشْر ِالْـمَلَا **
ذِي
الْعَدْلِ وَالتَّأَدُّبِ
وهكذا
كان شيوخ عصره يقدرونه ويشهدون له بالولاية
والاستقامة وحسن الخلق والعدل والتأدب،
وبفضل هذه الأوصاف استحق أن يكون "بِشْرَ
الْـمَلاَ"
كما
قال الشيخ مختار بنتَ رضي الله عنهما.
-
انتقاله
إلى جوار ربه
ظل
الشيخ مور سغن يعيش في غيدي Guédé
يُدرس
القرآن ويُربي المريدين، وكان بين الفينة
والأخرى يمكث في البقعة المباركة في جربل
Diourbel
بإذن
من الشيخ الخديم-
رضي
الله عنه-
إلى
أن انتقل رضي الله عنه إلى جوار ربه في
الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة ١٣٤٤هـ
الموافق للخامس من يونيو ١٩٢٦م،
عن عمر يناهز اثنين وستين عاما.
ونُقل
جثمانه الطاهر إلى مقبرة طوبى.
رحمه
الله تعالى رحمة واسعة، ورضي عن شيخه أحمد
الخديم.
بقلم
/سام
بوسو عبد الرحمن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمكن تحميل المقالة بصيغة pdf من هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق :
أبناء
الشيخ مور سغن وبناته
كان للشيخ أربعة
من الأبناء وأربع من البنات
والأبناء
هم :
١-
سرين
بوسو أشتُ Serigne
Bousso Astou
٢-
سرين
اندام عبد الرحمن Serigne
Ndame Abdourahmane Bousso
٣-
سرين
بوسو حوى صُو Serigne
Bousso Awa Sow
٤-
سرين
بار بوسو
Serigne
Bara Bousso.
والبنات
هن :
١-
سغن
خر بوسو Sokhna
Khary Bousso
٢-
سغن
بوسو أشتُ Sokhna
Bousso Astou
٣-
سغن
آمنة بوسو Sokhna
Aminta Bousso
٤-
سغن
خج بوسو Sokhna
Khoudia Bousso
1منن
الباقي القديم بتحقيق د محمد شقرون ص ٣٣
2
أن الشيخ الخديم رضي الله عنه
كان برفقة أربعة من مريديه في أول ليلة
باتها في منزله بعد ما نصب له فيها خيمة
ومن هؤلاء سرين مور سغن وسرين مصمب فاط
بوسو .
3نقلته
عن الأخ عبد الرحمن بوسو الذي سمعه من
سرين مور سانغه Serigne
Mor Sankhé أحد مريدي سرين
مور سغن وكان يرافقه إلى البقعة المباركة
عند الشيخ الخديم رضي الله عنه وقال بأنه
كان شاهد عيان.
4وهي
والدة سرين دام عبد الرحمن بوسو الإمام
رحمه الله تعالى.
5من
قصيجته التي أرَّخ فيها لوفيان بعض
الأعيان في عصره ومطلعها
تُوُفي
الوالد عام شب سي *** عن
"عز" عمره
وقيل "كنه" حي
6أي
توفي ليلة الخامس والعشرين من ذي القعدة
سنة ١٣٤٤ وعمره اثنان وستون سنة.