الجمعة، 21 ديسمبر 2012

دراسة حول الأبعاد الدينية والاجتماعية للمغال


الاحتفال بذكري خروج الشيخ أحمد بمب إلى الغيبة البحرية، البعد الديني والاجتماعي
منذ ما يناهز تسعة عقود من الزمن يحتفل المسلمون في السنغال بشكل عام والمريدون بشكل خاص باليوم الثامن عشر من شهر صفر إحياء لذكرى الغيبة البحرية1 للشيخ أحمد بمب (ت ١٩٢٧) في مناسبة تُعرف باسم "مغال"2.
واليوم الثامن عشر من شهر صفر له أهمية خاصة بالنسبة للمريدين، فهو يوم للاحتفاء والشكر على النعم التي وهبها الله للشيخ أحمد بامبا، مؤسس الطريقة المريدية، وهو بداية للمحن والمعاناة التي تجشمها خلال نفيه، وقد بدأ الشيخ نفسه هذا الاحتفال شكرا لله تعالى.
وفي كل سنة، تفد إلى طوبى لهذه المناسبة جموع غفيرة تقدر بالملايين من مختلف شرائح المجتمع وطبقاته، وتلتقي فيها الوفود الممثلة للطرائق الصوفية والمنظمات الإسلامية والهيئات الدبلوماسية والمؤسسات الدينية في عديد من الدول الإسلامية بحضور مكثف للوسائل الإعلامية المحلية والدولية، فيما يشبه ملتقى أو مهرجانا دوليا.
وعلى الرغم من كثرة ما كُتب عن هذه المناسبة التي تعد من أهم المناسبات الإسلامية في السنغال وفي المنطقة بل وفي العالم الإسلامي بشكل عام، فهناك حاجة ملحة إلى إجراء دراسة علمية لإماطة اللثام عن بعض آثارها في المجتمع السنغالي من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والدينية.
وعلى هذا الأساس قمنا، بطلب من اللجنة المنظمة للمغال، بهذا البحث الذي ركزنا فيه على بعض الآثار والأبعاد الدينية والاجتماعية لهذا الحدث الكبير. و تعد تلك الآثار والأبعاد، من وجهة نظرنا، أهم الجوانب نظرا لكون هذا الحدث في الأساس حدثا دينيا، له - فيما بعد - انعكاساته على جميع جوانب الحياة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وغير ذلك. وقد تطرقنا في القسمين  الأول والثاني إلى مغزى "مغال" وجذوره وكيفية الاحتفال به في عهد الشيخ المؤسس وبعده، ثم تعرضنا في القسم الثالث لآثاره في المجتمع من الناحية الدينية.
وقد اعتمدنا في الدراسة على كتابات الشيخ والمصادر المكتوبة عن سيرته وحياته والروايات الموثقة وعلى البحث الميداني فيما يتعلق بالتأثير الديني لـ"مغال" عبر المقابلات الشخصية والاستبانات.
ونحن إذ نقدم هذا العمل للقراء نرجو أن يفيدونا بما لديهم من ملاحظات حوله، فهو محاولة نتمنى أن تكون حافزة للدارسين إلى إجراء مزيد من البحث والدراسة . والله سبحانه وتعالى نسأل  أن يجعله عملا مقبولا . 
                                                                                        سام بوسو عبد الرحمن
لتحميل الكتاب انقر  ( هنا )

1- الغيبة البحرية مصطلح كان الشيخ أحمد بمب يستعمله ويعني به فترة إقامته في المنفى بغابون من سنة ١٣١٣هـ /١٨٩٥م إلى سنة ١٣٢٠هـ/ ١٩٠٢م .
2- (مغال) باللغة الولوفية المنتشرة في السنغال تعني تبجيل الشيء والتنويه بقدره وتعظيمه، وقد كان الأتباع في البداية يسمون الاحتفال بعيد الأضحى الصغير لوجوه الشبه بينهما فمنع الشيخ الخديم هذه التسمية وأطلق عليه اسم "مغال Magal" (مقابلة مع الشيخ إبراهيم بوسو ومقابلة مع الشيخ عافية انيانغ )

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

ندوة علمية بعنوان"مساهمة الطريقة المريدية في المسيرة التنموية للسنغال: نتائج وآفاق"


السياق والمبررات
في سنة ١٣١٣ هـ (١٨٩٥م) قررت السلطات الاستعمارية الفرنسية نفي الشيخ أحمد بمب (١٨٥٣-١٩٢٧م/ ١٢٧٠- ١٣٤٦هـ) مؤسس الطريقة المريدية إلي جزر "غابون" محاولة منها لوضع حد لجهاده وإيقاف دعوته الإصلاحية، فنجاه الله تعالى من مكائد الاستعمار وأيده على نصرة الإسلام ونشر دعوته، ولذلك أمر أتباعه بتخليد ذكرى يوم خروجه  ١٨ من شهر صفر والاحتفال به شكرا لله تعالى.

وفي مثل هذا اليوم من كل سنة يجتمع المريدون في مدينة طوبى لتخليد هذه الذكري، فأصبحت المناسبة – التي تسمى "مغال طوبى" - من الأحداث الدينية الأكثر أهمية في غرب أفريقيا، لأنها تحشد الملايين من الناس كل عام، وبالتالي صارت مناسبة للتبادل والتواصل وتوطيد أواصر الأخوة الإسلامية.

في السنوات الأخيرة، قامت اللجنة المنظمة لـ"مغال، بالتعاون مع دائرة روض الرياحين، بتنفيذ برنامج مكثف من الأنشطة الثقافية والعلمية على المستويين الوطني والدولي. و بعد تنظيم الملتقى الصوفي العالمي الأول في العام الماضي، حول موضوع " التصوف وأزمات العالم" بحضور شخصيات علمية ودينية بارزة من أوروبا وآسيا وأمريكا وأفريقيا، رأت اللجنة المنظمة أن من المناسب في هذا العام تنظيم ندوة  حول موضوع "مساهمة الطريقة المريدية في المسيرة التنموية للسنغال في المجالات المختلفة: التربوية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ...

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

قضية شيخ بيتيو Cheikh Bethio وأغراض خفية!


شهدت العاصمة السنغالية، بالأمس الإثنين، مظاهرات عنيفة رافقتها عمليات تخريب لممتلكات عامة وخاصة، من طرف شبان يطالبون بالإفراج عن "شيخ بيتيو تيون  المحجوز منذ شهر أبريل الماضي في ذمة التحقيق في قضية قتل شخصين من أتباعه بقريته دار السلام الواقعة قرب مدينة امبور. وقد تم نقله مؤخراً من معتقل تياس الى سجن داكار المعروف بسجن رباس
 وإثر هذه المظاهرات نشرت الحكومة السنغالية بيانا رسميا تتوعد فيه وتهدد من يحاول النيل من أمن البلد وصدرت تصريحات من موالين للنظام تتهم قوى المعارضة بالتستر وراء القضية لإحداث بلبلة في البلاد لأغراض سياسية.
وبصرف النظر عن ملابسات القضية ودون الدخول في الحكم علي أسلوب تعامل العدالة السنغالية معها أو على شرعية المظاهرات وعدمها، وبعد إدانتي التامة لكافة أنواع العنف وصورها، فإني أشم في الأحداث الاخيرة رائحة الانتهازية ومحاولة استغلالها لأغراض سياسية.
فمنذ أسابيع بدأ نظام الرئيس ماكي سال يواجه، في واقع الامر، مشكلات  حقيقية من جراء بوادر الغليان الذي ظهر في الجبهة الاجتماعية بسبب الارتفاع الملموس في أسعار البنزين والغاز والارتفاع المتوقع في أسعار سلع أخرى كالزيت، أضف إلى ذلك الاضطرابات التي تشهدها جامعة داكار والأحداث التي اندلعت في استاد لبوبول س. سنغور بعد فشل منتخب السنغال في التأهل لنهائيات كاس إفريقيا المقبل. وقد شرعت الانتقادات الموجهة إلى الحكومة الجديدة تزداد حدة يوما بعد يوم.
وأمام هذا الوضع المتأزم الذي أدى إلى تولُّد شعور لدى كثير من أفراد الشعب بأن النظام الجديد يبدي عجزَه عن الوفاء بوعوده في تحسين قواهم الشرائية وإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهها البلاد وفشلَه في بيان رؤية مستقبلية واضحة لسياساتها، وجد الحكامُ الجدد - فيما يبدو - مُتَنفَّسا من هذه الأحداث؛ فهي وسيلة لصرف الاهتمام عن الصعوبات الاقتصادية الحادة وإلهاء الرأي العام بقضية أخرى لعدة أيام أو أسابيع على الاقل؛ فغالبا ما ينسى الناس مشاكلهم الأخرى حين يواجهون مشكلات أمنية.
والمتابع لردود الافعال الصادرة حتى الآن يشعر بأن هناك محاولات لتغيير قائمة الأولويات في هذا الظرف لوضع القضية الأمنية في القمة، فعناوين الصحف صباح اليوم تصب كلها في اتجاه واحد : اتهام الحكومة بالتسيب والضعف أمام "التيانتاكون" وتحريض قوات الأمن ... ومن هنا ينتقل الاهتمام من قضية العدالة إلى قضية الأمن، من أصل المشكلة إلى آثارها وعواقبها، وهكذا يندحر جيش المطالب الاخرى المتعلقة بالحياة اليومية للمواطنين لفترة وإن كانت وجيزة. ومن جهة أخرى ينم التشدد الذي اتسم بها بيان الحكومة  عن حرصها على كسب تعاطف شعبي معها في مواجهتها لما يصفها بأعمال تخريبية وعصيان مدني.
فإذا كانت الحكومة والمتحدثون باسم شيخ بيتيو متفقين معا على اتهام جهات أخرى خفية بالوقوف وراء هذه الأحداث المؤسفة، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو: من المستفيد من الوضع؟
فالجواب - عندي - أن النظام هو المستفيد حاليا في الأوضاع، فكأنها هدية جاءته من السماء! والأيام المقبلة هي التي ستضعنا على حقيقة الصورة.
             سام بوسو عبد الرحمن


الجمعة، 12 أكتوبر 2012

الصحفيون والفضائح !

تطالعنا الصحفُ السنغالية في الآونة الأخيرة بأخبار تنقل إلينا فضائح جنسية تخص بعضا من أفرادها المرموقين أو المشهورين. وليس من المستغرب أن تحدث مثل هذه الفضائح في الوسط الإعلامي لأن الصحفيين يمثلون جزءا لا يتجزأ من تكوين المجتمع، وبالتالي يجسدون ويعكسون المثالب الموجودة فيه، ولكن الغريب في الأمر  هو طريقة معالجة الصحافة لمثل هذه الفضائح التي تحدث للمنتمين إليها.
فالصحافيون – كما عوَّدونا - أحرص الناس على البحث عن عيوب الاخرين وأخطائهم وإظهارها على الساحة العامة، عبر الجرائد اليومية والأسبوعية والبرامج الإذاعية التفاعلية. وكثيرا ما يضخمون فضائح تتعرض لها شرائح أخرى في المجتمع وخاصة في أوساط الساسة ورجال الدين ويمطرونها بوابل من الأوصاف القبيحة والاتهامات المعممة، ومن النادر ، في المقابل، أن نراهم يخصصون صفحات أو حلقات لتحليل ظواهر الفساد الخاصة بهم ومناقشتها في وسائل الإعلام، بل يمرون عليها مرور الكرام ويعرضونها على شكل أحداث عابرة لابصفتها ظواهر تستحق التحليل والمناقشة.
ولا أحد ينكر، في الواقع،  أهمية صحافة جادة في مجتمع ديموقراطي، لما يمكن أن تقوم به من دور إعلامي وتثقيفي وتربوي وتوجيهي، غير أنها حين تفتقر إلى مسئولية ومصداقية قد تتحول إلي أداة للإرجاف والتلاعب بالرأي العام وتصبح سلاحا رهيبا في أيدي قوى خفية تسعى للتحكم في مصير البلاد ومقدراتها وتشن حربا ضروسا على القيم الدينية والرموز الوطنية.
                                                                                                  سام بوسو عبد الرحمن

السبت، 15 سبتمبر 2012

الفلم المسيئ للرسول ( ص) ... كيف يكون الرد ؟!

صُدمتُ للغاية حين شاهدتُ مقتطفاتٍ من الفلم الأمريكي المسيئ للرسول، عليه الصلاة والسلام، الذي عُرض عبر الانترنت في الأيام الأخيرة، فأثار ردود أفعال غاضبة ً لدى كثير من المسلمين . 
ويبدو أن هذا الفلم التافه جداً - على رأي نقاد السينما - يمثل حلقة ًمن سلسلة عمليات الإساءة  ضد الاسلام  ورموزه. فلا يجد إنسان عاقل مبررا لمثل هذه المواقف  والمشاعر العدائية ضد الإسلام والمسلمين والتي تدفع أصحابَها الى ارتكاب جرائمَ شنعاءَ في حق رموزه المقدسة، وعلى رأسها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
وليس هناك أي مبدا إنساني تقر حرية الاعتداء على مقدسات دين يعتنقه أكثر من مليار نسمة ( أي أكثر من ٢٣٪ من سكان العالم ). ويلاحظ كل متابع للأحداث  أن هذه الاعتداءات تتخذ أشكالا متنوعة وتستخدم وسائل متعددة، من مؤلفات ورسوم كركاتورية وأفلام سينمائية.
وإذا كانت ردود الأفعال الشعبية العنيفة  تجاه مثل هذ الإساءات مفهومة أحيانا بسبب عفويتها وتلقائيتها،  فمن الضروري أن يكون للمفكرين والعلماء مواقفُ استراتجية مدروسة لمواجهة أعداء الاسلام المتطرفين مواجهةً ملائمة لا تعطيهم قيمة ولا تقدم دعايةً مجانية لافتراءاتهم الشنيعة، بل تسعى لعزلهم وتهميشهم وتأليب عقلاء العالم ضدهم.
فنحن إذا ساهمنا في جعل الإساءة ضد الإسلام ورموزه مفتاحا للشهرة عبر وسائل الإعلام، فإننا بذلك نفتح شهيةَ هؤلاء الأغبياء الذين يدفعهم حبُّ الظهور إلى تعريض حياتهم للخطر في مغامرات طائشة، وخاصة إذا كان هذا الهوسُ مشوبا بالكراهية الشديدة للإسلام والمسلمين.
إن تفجُّر الانفعالات الحادة في مثل هذه الظروف لأمرٌ طبيعي ، ولكن ينبغي  أن يعقبها تفكيرٌ عميق ودراسة جادة لاتخاذ مواقف صائبة وفعالة تكون على مستوى الأحداث وتحفظ للمسلمين كرامتهم.

                                                سام بوسو عبد الرحمن

الجمعة، 27 يوليو 2012

الشيخ أحمد بمب والقرآن الكريم *

في شهر رمضان المبارك  يُعنى كثير من المسلمين بالقرآن الكريم تلاوة وتجويدا وتفسيرا، لأنه الشهر الذي أنزل فيه هدى للناس وبمناسبة هذا الشهر المبارك نعيد مشاركة هذه المقالة التي نستعرض فيها بإيجاز علاقة الشيخ أحمد بمب خديم الرسول (ص) بهذا الكتاب المجيد ليكون  دافعا لنا لمزيد من الاهتمام به. 

الشيخ أحمد بمب والقرآن الكريم
كان الشيخ أحمد بمب رضي الله عنه متميزا في حرصه على القرآن الكريم حفظا وتلاوة ورسما وجمعا وتكريما ورعاية لأهله وعملا بأحكامه، وقد كرس حياته لخدمته واعتبر هذه الخدمة كنزه الذي لا يفنى وميراثه الخالد، يقول:
          قراءتُها كَنْزي وجاهي وعِزَّتي        أُنِلْتُ بها كَوني لدى اللهِ ذا صِدْق1
ويقول أيضا:
       بخِدْمــــةِ القرآن والَحــــديث           يثْـــبُــتُ لا بِذَهَبٍ مَـوْروثي2

الخميس، 5 يوليو 2012

إطلالة على أجوبة الشيخ امباكي بوسو ورسائله*


يُعتبر العلامة الشيخ امباكي بوسو (١٨٦٤- ١٩٤٥) من أبرز الشخصيات العلمية السنغالية في  النصف  الأول من القرن العشرين، وقد كان يُتقن كثيرا من العلوم كالفقه والتوحيد والتصوف والحساب وعلم الفلك وعلوم القرآن، وله في هذه المجالات مؤلفات قيمة ركَّز فيها على احتياجات أهل منطقته دون تطويل ممل أو إيجاز مخل.
كان الشيخ امباكي يتمتع بثقة شيخه الشيخ أحمد بمب بفضل مستواه العلمي والأدبي الرفيع واستقامته الشديدة، ولذا ولَّاه أمر التدريس والإفتاء والقضاء والرد على المراسلات، يقول الشيخ محمد البصوبي في ترجمته " وكان الشيخ ولاه القضاء والإفتاء وإقامة الحدود، وكان يجيب عنه الأسئلة الطارئة من الأقطار والبراوات الصادرة من علماء الأمصار ومكاتبة أهل الدول وغير ذلك من أمور الدين " ، فنهض الشيخ امباكي بهذه المهمة على أحسن وجه، وبذلك خلف لنا تراثا هاما من الفتاوى والأجوبة والرسائل.
وفي هذه العجالة سنحاول إلقاء الضوء بشكل سريع على جانب من تلك الأجوبة والرسائل.

الأربعاء، 27 يونيو 2012

الجمعة، 8 يونيو 2012

مشكلة الشهادة الثانوية لم تُـحَلّ بعدُ!

في الأيام الماضية، حين بدأ الشباب الراغبون في الانخراط في سلك متطوعي التربية يُعدّون ملفاتِهم للترشح في المسابقات التي تنظمها الحكومة لتعيين المتطوعين، أصيب المستعربون منهم بصدمة هائلة وخيبة أمل كبيرة؛ فقد نشرت وزارة التربية السنغالية في ٢٢ مايو ٢٠١٢ إعلانا يفيد بأن الشهادات الثانوية التي تصدرها المدارس العربية الأهلية في السنغال بدون استثناء غير مقبولة ويلغي في نفس الوقت قبول الشهادة الإعدادية في هذه المسابقات. وقد لقي هذا القرار استنكارا شديدا

الجمعة، 18 مايو 2012

السلطة الدينية والسلطة السياسية في السنغال*

تشهد الساحة السنغالية في هذه الأيام نقاشا حادا حول العلاقة بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية أو بين الحقل الديني والسياسي، وقد احتدم هذا النقاش في خضم الأحداث السياسية الأخيرة؛ فقد أصدر بعض رجال الدين "أوامر" لتأييد أحد المترشحين في الانتخابات الأخيرة و صرح أيضا الرئيس المنتخب بأن الشيوخ "مواطنون عاديون"مما أثار ضجة إعلامية وجدلا حاميا حول الدور السياسي للشيوخ، ووضعهم في الحياة العامة.
وفي مثل هذا السياق يصبح من الضروري تناول تلك العلاقة  بالدراسة والمناقشة لما يمكن أن يتنج من التباسها من سوء فهم يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة تضر بدين الناس ودنياهم.
ولمعالجة هذه الإشكالية في الواقع السنغالي، نتعرض أولا لهذا التقسيم بين  الروحي والزمني في نظر الإسلام ثم مواقف العلماء تجاه العلاقة بين الدين والسياسة قبل محاولة تحديد شروط التعايش بين السلطة الزمنية والدينية في وضعنا الراهن.

الثلاثاء، 8 مايو 2012

سيادة القانون .. كيف تتحقق في السنغال؟!


يتفاءلُ أناس كثيرون بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأن السنغال سيشهد تغيراتٍ جذريةً في عديد من المجالات، وخاصة في أسلوب التسيير لشؤون الدولة وفي طريقة التعامل مع المواطنين وفي كيفية التدبير لموارد البلد. ويلوح من خلال تحليلات المراقبين أمل كبير في أن النظام الجديد سيضع حدا لكثير من مظاهر الفساد ولانحراف والتسيب، وأنه سيعمل بجد على تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق المواطنين وفرض سيادة القانون، وبالجملةِ على إيجاد "دولة القانون" بكل ما تحمله

الثلاثاء، 1 مايو 2012

للعامل حق في الإضراب ولكن... !


كثيرا ما يحدث تجاذب بين الحقوق والواجبات، بين الحريات والمسؤوليات أو بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فيصبح الفرد متنازعا بين طرفين أو بين مطلبين يكون إرضاء أحدهما على حساب الآخر بالضرورة، وهنا يتدخل الضمير والقيم لترجيح كفة أحد الطرفين .
فحينما يمارس الإنسان عملا ما يوجد نوعان من المردودية
لهذا العمل: منفعة العامل ومنفعة المستفيدين منه. ومن هنا يكون من حق العامل أن يدافع عن مصلحته الخاصة ومن واجبه أيضا ألا يجحف بحق المستفيدين من عمله.
والإضراب وسيلة يستخدمها العامل للضغط حينما يشعر أن صاحب العمل يتضرر من الإضراب أكثر من تضرره هو إذا تنازل عن أجرته فينتج من ذلك سعي للتفاهم في أسرع وقت ممكن.
ولكن، قد يكون صاحب العمل شخصية اعتبارية والمستفيد منه طرفا ثالثا يكون  هو المتضرر الوحيد من الإضراب، لأن العامل يظل يتقاضى أجرته رغم امتناعه عن العمل، كما هو الحال في إضراب المدرسين في المدارس العمومية وأعضاء هيئة الرقابة.
ففي مثل هذه الحالة، إذا كان للمعلم او المشرف حق مكفول في الإضراب لتحقيق مطالبهما فهل للأول  أن يضحي بحق الأطفال في الدراسة وللثاني بحق المعلمين ويحتفظ كل واحد منهما في الوقت نفسه بكامل راتبه؟
 فهذه هي الإشكالية التي اطرحها على طاولة النقاش.
               سام بوسو عبد الرحمن

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

المريدية والسلطة السياسية في عهد الرئيس عبد الله واد.. قراءة نقدية

بقلم سام بوسو عبد الرحمن

(تنبيه !: كتبت هذه المقالة في يونيو ٢٠١١ م قبل قبل خروج عبد الله واد من السلطة وآثرتُ عدم نشرها في ذلك الوقت بسبب جو الانتخابات)

توجَّه عبد الله وادْ إلى طوبي غداةَ فوزه التاريخي في الانتخابات الرئاسية في شهر مارس ٢٠٠٠ لزيارة شيخه الخليفة العام للطريقة المريدية ولتلقى دعواته، كما وعد بذلك أثناء الحملة الانتخابية، فأثار هذا الحدث ضجة إعلامية كبيرة ونقاشا واسعا بين المريدين أنفسهم والعلمانيين والمحللين السياسيين على حد سواء؛ ولأول مرة في التاريخ السياسي السنغالي يعلن رئيس جمهوري على الملأ انتماءه إلى طريقة

الأربعاء، 4 أبريل 2012

هل حققنا الاستقلال؟!


يحتفل السنغال اليوم بذكرى استقلاله الثانية والخمسين واختارت السلطة الجديدة أن يكون الاحتفال بسيطا على خلاف المعتاد في مثل هذه المناسبة، وهذا يتفق مع التوجه الجديد الذي رسمه الرئيس السيد ماكي سال في أول خطاب رسمي له إلى الأمة، حيث بين أنه يريد الاستغناء عن مظاهر الأبهة والفخفخة في الاحتفالات والتركيز على البساطة والجدية في العمل لأن ظروف البلاد لا تسمح بأي نوع من أنواع العبث بالممتلكات العامة ــ وهذا اتجاه محمود نتنمى أن يوفق فيه ـــ ومع ذلك يستوقفنا الحدث للتساؤل حول استقلالنا الوطني.
في الواقع، حين يحتفل شعب ما بالاستقلال الوطني يُسلم ضمنا أنه قد حققه، و لكن، إذا راجعنا مدلول الاستقلال يمكن لنا أن نتساءل - نحن السنغاليين - عن مدى حصولنا على هذا الاستقلال بمدلوله الحقيقي. فمن المعاني التي عثرت عليها لكلمة الاستقلال: التحرر من أي سلطة خارجية أو تفرد الدولة بحكم نفسها من غير دخيل وهذا التحرر يعني التمتع بالسيادة الكاملة وعدم الخضوع لأي سلطة خارجية من جميع النواحي، سياسيا واقتصاديا وثقافيا إلخ، بحيث يملك الشعب بحرية تامة قراره السياسي وخياره الاقتصادي وتوجهه الفكري والثقافي بدون تأثير خارجي مباشر.
ومن المعروف أن القرارات والخيارات والتوجهات تتأسس على عقلية ورؤية، فقد يبدو الإنسان حرا طليقا في إرادته، ولكنه في حقيقة الأمر مسير ومقيد برؤية معينة تنظر بها نحو الأشياء، ولا أظن أن الرؤية التي تدار شؤون بلادنا بناء عليها منذ حصولنا على "الاستقلال" قد تخلصت من السيطرة الأجنبية و من القيود الخارجية. فالقرار السياسي يمكن أن يخضع لقيود خارجية موضوعية ويبقى صاحبه مستقلا بإرادته إذا كانت هذه الإرادة منبثقة عن رؤية خالصة لم تشكلها ثقافة أجنبية.
بناء على هذا التحليل، أطرح هذه الأسئلة، هل حصلنا على الاستقلال الحقيقي؟ إذا كان الجواب بالنفي، ما هي الطريقة إلى تحقيقه ؟
وربما نساهم في الجواب في لقاء آخر إن شاء الله!

مقالات ذات صلة
الاستقلال عندي!
متى نحقق الاستقلال الفكري؟
إلى أين يتجه السنغال؟!

الاثنين، 2 أبريل 2012

إلى أين يتجه السنغال؟!


في الأيام الماضية تعالت أصوات التهاني للشعب السنغالى بعد خروجه بفخر واعتزاز من انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، وبعد اعتراف المرشح المنهزم بهزيمته قبل إعلان النتائج بصفة رسمية، وعجت الشوارع بالمحتفلين بفوز مرشح المعارضة السيد ماكي سال. واليوم قام الرئيس المنتخب بأداء يمينه الدستوري وتوج رسميا رئيسا للجمهورية.
وهذه اللحظات تعتبر بحق لحظات تاريخية يمر بها السنغال على غرار الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس السابق عبد الله واد سنة ٢٠٠٠م
.

وهي لحظات تمثل في واقع الأمر مرتعا خصبا للنقاش والتحليل واستشراف المستقبل، وفي خضم النقاشات والتحليلات الجارية حول الآفاق المستقبلية للوطن وطبيعة الدولة ومؤسساتها وتوجهاتها وخياراتها التنموية، يظهر ما يشبه التركيز على طبيعة العلاقات بين السياسة والدين على اختلاف زوايا النظرة إليها. وهي علاقات تُختزل غالبا في العلاقة بين رئاسة الجمهورية والطرق الصوفية أو في موقف الشيوخ أثناء الحملات الانتخابية وتُقَوَّم في أكثر الأحيان على ضوء المفهوم الغربي للعلمانية.

والمتابع في الأيام الحالية للتحليلات حول هذه القضية، يتلمس سعيَ البعض لنوع من تصفية الحسابات للقضاء نهائيا على نفوذ الزعامات الدينية في الحياة العامة ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك لتضعيف الانتماء الديني لدى المواطن السنغالي؛ وفي هذا الصدد يلمحون بضرورة إعادة النظر في المكاسب التي تحققت للمسلمين في عهد واد مثل إدخال التربية الدينية في المدارس الحكومية ودعم المدارس الفرنسية العربية والاهتمام بالمدارس القرآنية ونحو ذلك.

وفي مثل هذه الظروف التي تشهد سقوط نظام وقيام آخر، قد يغيب عن الأذهان أن بعض المكاسب تمثل ملكا للشعب في سياق تطوره التايخي وليست النظم إلا أسبابا مباشرة في تحقيقها ولا يمكن الرجوع عنها بمجرد انهيار نظام ما.

وأي محاولة لتحويل مسار الشعب نحو تحقيق ذاته واستعادة هويته باسم الديموقراطية أو العلمانية أو أي اسم آخر يمكن أن تؤدي إلي نتائج وخيمة؛ فليس من المقبول ، في رأيي استغلال سلوكيات خاطئة لبعض من تسميهم العوام برجال الدين لتصفية حسابات مع شريحة كبيرة من الشعب إن لم نقل غالبيته.

وفي الوقت الذي يجد السنغال نفسه في منعطف تاريخي حساس ينبغي على المثقفين والساسة دراسة الموقف بهدوء تام وأعصاب باردة ووعي عميق للتميز بين الثوابت والمتغيرات وبين ما للنظام وما للشعب حتى يتسنى لوطنا أن يتجه الوجهة الصحيحة بتماسك وانسجام وفقا لهويته الثقافية والدينية وطموحات أبنائه المشروعة.

فلا يتصور من الآن فصاعدا ـ في نظري ـ بناء مجتمع سنغالى ولا مكان للإسلام في ذلك الصرح بحجة الحداثة ومواكبة العصر، وإذا وجد من بين الحلفاء الصاعدين إلى السلطة من يريد سلوك هذا النهج وجر البلاد إلى هذا الاتجاه فذلك أمر جد خطير يستحق الإدانة والمواجهة.

سام بوسو عبد الرحمن

الثلاثاء، 20 مارس 2012

السيدة مريم بوسو "جارة الله" في ذكراها السنوية


في هذه الأيام تتوجه جموعٌ غفيرة من الناس إلى قرية بوروخان Porokhane بمنطقة سالُم Saloum لإحياء ذكرى السيدة مريم المشهورة بجارة الله والدة الشيخ أحمد بمب رضي الله عنهما.
وشخصية "سغن جارة" تحظي بإعجاب  المسلمين في السنغال وتبجيلهم لكونها مثلا رفيعا في التقوى والاستقامة وكرم الأخلاق والطاعة، إلى جانب كونها والدة الشيخ الأكبر مؤسس الطريقة المريدية.
وقد كانت "مام جارة" معروفة بزهدها وورعها واهتمامها بجيرانها ورعايتها لبيتها وعنايتها بتلاميذ شيخها "مام مور أنت سالي" وحرصها على تنشئتة أبنائها على العبادة والورع. وقد اختارتها العناية الإلهية لاحتضان مجدد عصرها الشيخ الخديم مصداقا لقوله تعالى "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه"[الأعراف، ٨٥]
وما سبب انتقال مام جارة من باول إلى منطقة "سالُمْ" إلا تلبية لدعوة الجهاد التي رفعها المجاهد مبه جاخو Mabadiakhou فهبَّ لها مع من هب زوجُها مام مور أنت سالي وأخوها سرين امبسوبي. وقد أبلت بلاء عجيبا في التحمل والمثابرة في ظروف قاسية بجميع المقاييس؛ والمتوجهون إلى بروخان اليوم يتصورون مدى معاناة هؤلاء الذين هجروا مسقط رأسهم إلى هذه المنطقة سعيا لإعلاء كلمة الله.

والحديث عن صفات سغن جارة ومناقبها مما طار به الركبان، ولا نبالغ إن قلنا إنها ورثت النساء الفضليات اللواتي نوَّه بهن الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم ابنت عمران، وإن فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (متفق عليه)
فقد شهد الرسول (ص) لهؤلاء الثلاثة بالكمال، وقد اختصت كل واحدة منهن بفضائل كثيرة. وإذا أمعنا النظر في حياة السيدة الكريمة "سغن جارة" وقارناها بحياة هولاء الفضليات يمكن أن نقف على جانب من مقامها الرفيع.
فإذا تأملنا حياة سغن جارة نجد فيها تشابها عجيبا بينها وبين حياة السيدة مريم عليها السلام من عدة وجوه: فتلك كانت عابدة قانتة متبتلة ملازمة للمحراب مجاورة في المعبد كما حكى القرآن الكريم " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا......”[آل عمران، الآية ٣٧] وهذه كانت يضرب بها المثل في التبتل والقنوت حتى سميت « جارة الله»
وتلك تميزت من بين نساء العالمين بالصفاء والطهارة فخصها الله تعالى بمعجزة زمانه سيدنا عيسى عليه السلام. وهذه تميزت بالعزم والتبتل والخدمة فاختصها بمجدد زمانه الشيخ الخديم (ض).
وتلك كانت واسعة البركة تأتيها الأرزاق من الله بدون تسبب أو اكتساب منها كما قال تعالى " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب"[آل عمران، الآية ٣٧] وهذه تنصبُّ الآرزاق ببركتها في مثواها ببروخان، ومناسبة ذكراها شاهدة لهذه الظاهرة.
والسيدة آسية هي امرأة فرعون التي برهنت بأن المرأة المومنة تستطيع أن تبلغ بإيمانها مالا يبلغ الكثير من الرجال، وقد ضرب الله بها مثلا في الإيمان " وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" [التحريم، الآية ١١] وأما السيدة عائشة فقد كانت مثلا أعلى في رعاية بيتها وطاعة زوجها صلى الله عليه وسلم وإرضائه بكل ما أوتيت من وسائل. وإذا تأملنا نجد في السيدة مريم ما في هاتين السيدتين من صفات الإيمان والطاعة والرعاية، ولذا لم نكن نبالغ حين ادعينا أن صفات هؤلاء الصالحات توفرت فيها، وحازت في عمرها القصير –٣٣ سنة – ما كلَّ اللسان عن ذكرها من المناقب.
وقد كان الشيخ محمد البشير(رضي الله عنه) دقيقا في وصف "سُغْنَ جارة" حين قال  في كتابه منن الباقي القديم " وكانت الوالدة جارة الله مريم صالحةً عفيفةً ديّنةَ كثيرةَ الصلاة والصوم والصدقة، مستسلمةً لربها قائمةً بواجبات دينها، بينها وبين ربها وفيما بينها وبين الشيخ الإمام قرينها" [المنن بتحقيق د محد شقرون ص34]

وذكرى هذه السيدة الكريمة مناسبة جميلة لاستخلاص دروس من حياتها وخاصة في هذه الظروف التي ضاعت فيها كثير من القيم واغترت فئات من النساء المسلمات بزخارف الحضارة المادة السائدة.

رضي الله عن السيدة ونفعنا بها آمين

السبت، 25 فبراير 2012

بيان الجمعة في المسجد الجامع بمدينة طوبى المحروسة

بيان الجمعة غرة ربيع الثاني 1433 الموافق 24 فبراير 2012
حول الانتخابات الرئاسية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد نهنئكم في هذا اليوم المبارك ونسأل الله تعالى أن يحفظنا ويحفظ أئمتنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين.
وبعد؛
نوجه حديثنا اليوم إلى قضية الانتخابات التي يقبل إليها المواطنون السنغاليون بعد يومين فقط لاختيار رئيس للبلاد، فهذه الانتخابات حدث يشغل كثيرا من الناس ويمثل وضعا خاصا يتطلب من الجميع التعقل والتصرف بوعي لكي تمر العملية بهدوء وسلام فيكون البلاد هو الفائز في نهاية المطاف.
إن السعي للفوز برئاسة الدولة أمر مشروع ولكنه ينبغي أن يتم برفق وهدوء، فلنتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
" إن الله رفيق يحب الرفق، وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف "
والرفيق اسم مشتق من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال ..
والرفق مطلوب أيضا من أصحاب السلطة، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم من ولي من أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه "
وهذا الرفق منشود أيضا في كل شيء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه "
وفي حديث آخر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ».
ويقول أيضا «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيَرْضَى بِهِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ
أيها الإخوة
في هذه الظروف من الحياة السياسية يكون من حق كل مترشح لتولي السلطة أن يسعي لكسب ثقة المواطنين عن طريق عرض قدراته وكفاءاته وخبراته، فقد حكى علينا القرآن الكريم قولَ سيدنا يوسف "قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم" وحكي عن ترشيح امرأة لسيدنا موسى بقولها "يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين"
ومن حق أهل السياسة أن يتفقوا على قواعد وقوانين ومؤسسات يحتكمون إليها، ولكنه من واجبهم الموافقة على قرارات هذه المؤسسات لضمان الاستقرار؛ فإذا كان كل من يشعر بأن الحكم الصادر ليس لصالحه يقوم برفضه فلا يوجد انتظام ولا انضباط أبدا. فقد ثبت أنه إن لم يكن ما قضى به القاضي حقا فالله يتولى عقاب من قضي له بغير حقه. ففي حديث عن أم سلمة- رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما أنا بشرٌ ، وإنكم تختصمون إلىّ ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمعُ، فمن قضيت له بحقِّ أخيه فإنما أقطعُ لهُ قطعة من النارِ" متفق عليه
ومن حق المواطنين الأبرياء أن يتمتعوا بعيش هادئ وآمن يطمئنون فيه على أنفسهم وأموالهم ويتمكنون من الاشتغال بالعمل والعبادة
وهكذا لجميع الأطراف حقوق ولكنه ليس من حق أحد بث فتنة بين الناس من أجل الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها. وإذا وجد من يستعد لبث الفتنة والفساد والاضطراب بين الناس يتعين على المواطنين الوقوف بحزم لعدم الانجراف وراء تيار لا يعرفون مصيره ومغزاه.
فيجب على المومن أن لا يخطو خطوة دون حسابها وإدراك مصلحته الدنيوية والأخروية في تلك الخطوة.
ومفتاح الاستقرار والأمن في هذا البلاد ـ في رأيي ـ هو امتثال أوامر قادتنا الذين رفعوا صوتهم للدعوة إلى الهدوء والسلام وإلى تجنب الفتنة بسبب الصراع على السلطة فالبلاد ليس ملكا للساسة وبالعكس فهم خدم للأمة إذا فهمنا المعنى الصحيح وهو "تدبير شؤون الرعية"
وقد كان واضحا وجليا أمرُ شيخنا الشيخ سيدي المختار حفظه الله بإجراء العمليات الانتخابية بسلام وهدوء، فيتوجب على كل مسلم منتم إلي الطريقة أن يلتزم بهذا الأمر ووضعه فوق جميع الاعتبارت وعدم المساهمة في ما يثير الفتنة، والشيخ الخديم يقول "إن السلامة والعافية خير من عكسهما" ويقول أيضا في إحدى وصاياه " من كاتب هذه الحروف إلى كل من سيقف عليها نصيحة وهي: ترك كل مؤد إلى التزلزل والفساد والاجتهاد في الخيرات والتوبة من جميع الهفوات، فمن امتثل فهو مريد بالضم ومن لم يمتثل فهو مريد بالفتح"؛ ومن آمارت الإرادة الصادقة مخالفة هوى النفس وحظوظها لاتباع الأوامر.
والذين يتجاهرون بمخالفة هذا التوجيه لا يجنون من ذلك سوى إعراض المريدين والخيبة في مسعاهم.
ومن ناحية أخرى، علينا أن ننتبه إلى أن هناك من يسعى عن طريق وسائل الإعلام لتضعيف كلمة القيادة الدينية في السنغال وصرف الناس عنها لكي يصغوا إلى من لا دين لهم ولا أخلاق.
فلا ينبغي الحياد والاكتفاء بالتفرج في هذا الوقت بل لا بد من اتخاذ موقف إيجابي والسعي لضمان الاستقرار والأمر للبلاد كل حسب مستواه وقدراته.
وعلى الأحزاب وأنصارهم والإدارة المنظمة والمراقبين للانتخابات السهرُ على نزاهة العملية والالتزام بنتائجها وبخلاف ذلك قد نفتح الباب لمشكلات يصعب حلها.
وأخيرا نذكر المريدين بأن غاية المريد في حركاته وسكناته وفي جميع تصرفاته تحري رضي المولى عز وجل.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحمنا ويحمي بلادنا وسائر بلاد المؤمنين من الفتن والمصائب وينشر الأمن والسلام علينا وعلى جميع المسلمين
والسلام عليكم ورحمة الله
سام بوسو عبد الرحمن
الجمعة 1 من ربيع الثاني ١٤٣٣
الموافق ٢٤ فبرائر ٢٠١٢

جامعة الشيخ أحمد بمب UCAB تكرم خريجيها

نظمت اليوم (14 فبراير 2024م) جامعة الشيخ أحمد بمبUCAB برئاسة فضيلة الشيخ مام مور امباكي مرتضى حفلة لتكريم خرجيها في رحاب كلية العلوم الدينية...