السبت، 25 فبراير 2012

بيان الجمعة في المسجد الجامع بمدينة طوبى المحروسة

بيان الجمعة غرة ربيع الثاني 1433 الموافق 24 فبراير 2012
حول الانتخابات الرئاسية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد نهنئكم في هذا اليوم المبارك ونسأل الله تعالى أن يحفظنا ويحفظ أئمتنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين.
وبعد؛
نوجه حديثنا اليوم إلى قضية الانتخابات التي يقبل إليها المواطنون السنغاليون بعد يومين فقط لاختيار رئيس للبلاد، فهذه الانتخابات حدث يشغل كثيرا من الناس ويمثل وضعا خاصا يتطلب من الجميع التعقل والتصرف بوعي لكي تمر العملية بهدوء وسلام فيكون البلاد هو الفائز في نهاية المطاف.
إن السعي للفوز برئاسة الدولة أمر مشروع ولكنه ينبغي أن يتم برفق وهدوء، فلنتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
" إن الله رفيق يحب الرفق، وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف "
والرفيق اسم مشتق من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال ..
والرفق مطلوب أيضا من أصحاب السلطة، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم من ولي من أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه "
وهذا الرفق منشود أيضا في كل شيء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه "
وفي حديث آخر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ».
ويقول أيضا «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيَرْضَى بِهِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ
أيها الإخوة
في هذه الظروف من الحياة السياسية يكون من حق كل مترشح لتولي السلطة أن يسعي لكسب ثقة المواطنين عن طريق عرض قدراته وكفاءاته وخبراته، فقد حكى علينا القرآن الكريم قولَ سيدنا يوسف "قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم" وحكي عن ترشيح امرأة لسيدنا موسى بقولها "يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين"
ومن حق أهل السياسة أن يتفقوا على قواعد وقوانين ومؤسسات يحتكمون إليها، ولكنه من واجبهم الموافقة على قرارات هذه المؤسسات لضمان الاستقرار؛ فإذا كان كل من يشعر بأن الحكم الصادر ليس لصالحه يقوم برفضه فلا يوجد انتظام ولا انضباط أبدا. فقد ثبت أنه إن لم يكن ما قضى به القاضي حقا فالله يتولى عقاب من قضي له بغير حقه. ففي حديث عن أم سلمة- رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما أنا بشرٌ ، وإنكم تختصمون إلىّ ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمعُ، فمن قضيت له بحقِّ أخيه فإنما أقطعُ لهُ قطعة من النارِ" متفق عليه
ومن حق المواطنين الأبرياء أن يتمتعوا بعيش هادئ وآمن يطمئنون فيه على أنفسهم وأموالهم ويتمكنون من الاشتغال بالعمل والعبادة
وهكذا لجميع الأطراف حقوق ولكنه ليس من حق أحد بث فتنة بين الناس من أجل الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها. وإذا وجد من يستعد لبث الفتنة والفساد والاضطراب بين الناس يتعين على المواطنين الوقوف بحزم لعدم الانجراف وراء تيار لا يعرفون مصيره ومغزاه.
فيجب على المومن أن لا يخطو خطوة دون حسابها وإدراك مصلحته الدنيوية والأخروية في تلك الخطوة.
ومفتاح الاستقرار والأمن في هذا البلاد ـ في رأيي ـ هو امتثال أوامر قادتنا الذين رفعوا صوتهم للدعوة إلى الهدوء والسلام وإلى تجنب الفتنة بسبب الصراع على السلطة فالبلاد ليس ملكا للساسة وبالعكس فهم خدم للأمة إذا فهمنا المعنى الصحيح وهو "تدبير شؤون الرعية"
وقد كان واضحا وجليا أمرُ شيخنا الشيخ سيدي المختار حفظه الله بإجراء العمليات الانتخابية بسلام وهدوء، فيتوجب على كل مسلم منتم إلي الطريقة أن يلتزم بهذا الأمر ووضعه فوق جميع الاعتبارت وعدم المساهمة في ما يثير الفتنة، والشيخ الخديم يقول "إن السلامة والعافية خير من عكسهما" ويقول أيضا في إحدى وصاياه " من كاتب هذه الحروف إلى كل من سيقف عليها نصيحة وهي: ترك كل مؤد إلى التزلزل والفساد والاجتهاد في الخيرات والتوبة من جميع الهفوات، فمن امتثل فهو مريد بالضم ومن لم يمتثل فهو مريد بالفتح"؛ ومن آمارت الإرادة الصادقة مخالفة هوى النفس وحظوظها لاتباع الأوامر.
والذين يتجاهرون بمخالفة هذا التوجيه لا يجنون من ذلك سوى إعراض المريدين والخيبة في مسعاهم.
ومن ناحية أخرى، علينا أن ننتبه إلى أن هناك من يسعى عن طريق وسائل الإعلام لتضعيف كلمة القيادة الدينية في السنغال وصرف الناس عنها لكي يصغوا إلى من لا دين لهم ولا أخلاق.
فلا ينبغي الحياد والاكتفاء بالتفرج في هذا الوقت بل لا بد من اتخاذ موقف إيجابي والسعي لضمان الاستقرار والأمر للبلاد كل حسب مستواه وقدراته.
وعلى الأحزاب وأنصارهم والإدارة المنظمة والمراقبين للانتخابات السهرُ على نزاهة العملية والالتزام بنتائجها وبخلاف ذلك قد نفتح الباب لمشكلات يصعب حلها.
وأخيرا نذكر المريدين بأن غاية المريد في حركاته وسكناته وفي جميع تصرفاته تحري رضي المولى عز وجل.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحمنا ويحمي بلادنا وسائر بلاد المؤمنين من الفتن والمصائب وينشر الأمن والسلام علينا وعلى جميع المسلمين
والسلام عليكم ورحمة الله
سام بوسو عبد الرحمن
الجمعة 1 من ربيع الثاني ١٤٣٣
الموافق ٢٤ فبرائر ٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...