الأحد، 26 سبتمبر 2021

مغال ١٤٤٣هـ : الندوة العلمية حول "المذهب المالكي ودوره في تحقيق الانسجام في المجتمعات الأفريقية" : البيان الختامي

في إطار مراجعة ثوابت الشعب السنغالي المسلم في العقيدة والفقه والتصوف التي بدأتها دائرة روض الرياحين بمناسبة المغال العام الماضي انعقدت اليوم الخميس 15 من صفر 1443هـ (23 من سبتمبر 2021مـ) ندوة علمية بعنوان "المذهب المالكي ودوره في تحقيق الانسجام في المجتمعات الأفريقية".

وقد افتُتحت الندوة في الصباح بتلاوة السيد شيخنا امباكّي محمد الأمين بار فاضل آياتٍ من الذكر الحكيم تلتها كلمة ترحيب من السيد أحمد البدوي امباكّي المنسق العام لدائرة روض الرياحين وكلمة شكر من السيد عبد الأحد امباكّي غايندي فاطمة رئيس لجنة الإعلام والثقافة ضمن اللجنة المنظمة للمغال.

وبعد الافتتاح ألقى السادة الدكتور عبد الأحد سانِي من السنغال والأستاذ الدكتور رضوان غنيمي من المغرب والقاضي الداه ولد سيدي ولد اعمر طالب من موريتانيا ثلاث محاضرات على التوالي حول المذهب المالكي ومنزلته في الإسلام وجهود المغاربة والشناقطة في خدمة المذهب المالكي. وقد عقّب على المحاضرات السيدان الدكتور عبد العزيز كيبي من تواون والأستاذ انجوغو امباكّي سامب من جماعة عباد الرحمن. وكان الدكتور بمبَ ولد سيار من موريتانيا هو مدير الجلسة.

وفي المساء انعقدت جلسة أخرى بإدارة الأستاذ شيخ أحمد بوسو من السنغال تناول خلالها على التوالي الأساتذة شيخنا سيك من انغُرانْ والطريقة القادرية وجابيلْ عبده فاط من جامَلْ والطريقة التجانية وعبد الله جوب المالكي من الطريقة المريدية جهودَ الطريقتين القادرية والتجانية في السنغال والطريقة المريدية في خدمة المذهب المالكي. وعقّب على المحاضرات السادة عبد الرحمن كونتا من انجاسان وبابكر سيسي من جامَلْ ومسامبا سامْبْ من انغُرانْ وإبراهيم سامْبْ من يوفْ.

هذا، وقد اتضح ما يلي من خلال العروض والتعقيبات:

1- أن المذهب المالكي بأصوله قادر على تلبية حاجات الناس في التشريع في مختلف الأزمنة والأمكنة.

2- أن الشعوب المسلمة في أفريقيا لا سيما في شمالها وفي غربها تبنّوا المذهب المالكي عن وعي واقتناع لما رأوا فيه من مزايا.

3- أن الشعوب المسلمة في أفريقيا خدموا هذا المذهب على مستوى الأفراد والمؤسسات تدريساً وتأليفاً وإفتاءً وتقنيناً.

4- أن المذهب المالكي من العوامل التي ساهمت في تحقيق الانسجام والاستقرار في أفريقيا.

5- أن الحفاظ على هذه الوحدة المذهبية من حاجات الوقت لترسيخ الانسجام والاستقرار.

6- أن مما يساعد على الحفاظ على هذه الوحدة المذهبية التقيدَ بها في البرامج الدراسية وفي الإفتاء.

والأمل كبير في أن تتضافر الجهود من قبل المؤسسات الدينية والسياسية ومن قبل الأفراد والجماعات للحفاظ على هذه الوحدة المذهبية وعلى ما يترتب عليه من الانسجام والاستقرار.



طوبى دار المنان، في 15 من صفر 1443هـ (23 من سبتمبر 2021).

المقرر

شَيخنا امباكّي عبد الودود

الأربعاء، 22 سبتمبر 2021

خواطر وتأملات صفرية

تثير ذكرى الغيبة البحرية للشيخ الخديم رضي الله تعالى عنه في نفسي خواطر وتأملات كثيرة. وقد استوقفني اليوم قولُه رضي الله تعالى عنه  

شُغِلْتُ بالشُّكورِ عَنْ تَذَكُّرِ * مَا قَدْ جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ الْعَسْكَرِ

 

يعبر هذا البيت عن موقف إنساني رفيع في تعامل الشيخ مع أحداث الماضي وحكمة بالغة في رؤيته للعلاقة بين البشر وما يحكمها من قضاء الله وقدره.

 

فمن طبيعة الإنسان أن يختزن في ذاكرته التجارب والخبراتِ التي يمرّ بها سواء كانت سارة أو حزينة، ويكون لهذا المخزون من الذكريات تأثيرٌ قوي في سلوكه ومواقفه واتجاهاته، يمكن أن يكون إيجابيا أو سلبيا

 

والشيخ الخديم رضي الله عنه من منطلق نظرته إلى الكون باعتباره خاضعا للعناية الإلهية يتجاوز الأسباب إلى مسببها ويرى خالقَ الكونِ ومدبر الأمور سبحانه وتعالى في كل الأحداث.

 

فقد اعتبر رضي الله تعالى عنه كل ما جرى بينه وبين السلطات الاستعمارية في حقيقة الأمر "نعمة في طي نقمة" لأنه سبب في حظوته بالمراتب الرفيعة التي كان يرنو إليها بهمته العليا وبايع عليها الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بخدمته المباركة

 

فكان استحضار الشيخ للمواهب الإلهية وما يثيره فيه من مشاعر الشكر والامتنان لا يترك مجالا عنده ليتذكر الآلام والمعاناة التي عاشها بسبب اضطهاد المستعمر له. فمن هنا اشتغل بشكر نعم  الله تعالى بدلَ تذكُّر ما جرى بينه وبين  الجنود الفرنسيين أثناء غيبته البحرية. وقد عبَّر  عن هذا المعنى أيضا في قوله:

        كليتي استغنت عن اشتكاء * وكلّ ما يجرُّ للبكاء

    شَغَلَنَي شكرُ إلـهٍ قَبِلا* كليَّتِي عن ذكر ماضٍ  مِن بَلا

 

وفي هذا الموقف دلالة عميقة على تسامي الشيخ رضي الله تعالى عنه وعلى خلُوّه من المشاعر السلبية التي تُولد في صاحبه روح الشكاية والانتقام. فقد كان طيِّبَ القلب نقيَّ السريرة لرؤيته فضل الله تعالى وكرمه عليه كما قال: 

     قد طاب قلبيَ لمَّا اللهُ سلَّمني * من العدى وبحطِّ الذنب أكرمني

 

وقد تجلَّى هذا الصفاء القلبيُّ والنقاوة العاطفية في عفوه عن أعدائه الذين ساموه أنواعا وألوانا من الضيم لا توصف، حين قال " عفوت لوجه الله مع صفو كلكلي"... 

 

وقد ورَّث الشيخُ رضي الله تعالى عنه أتباعه هذه المشاعر الإيجابية تجاه ما وقع له من المحتل الفرنسي، حين أمرهم بتخليد ذكرى تغييبه من خلال الشكر والابتهاج بما منَّ الله تعالى عليه من النعم والمزايا والمآثر

 

من يتصور ما كان سيحدث لو ترك الشيخ مريديه دون هذا التوجيه، ليقرروا بأنفسهم كيفية إحياء هذه الذكرى بعده؟! فقد كان بالإمكان أن يركزوا على الآلام والمعاناة  بدل النعم والمنن، ويدفعهم ذلك إلى الميل نحو الانتقام والتشفي لشيخهم فيؤدي كل سنة  إلى دوامة من العنف لا تتوقف.

 

ولكن بحمد الله تعالى ترى سفراء أعدائه ومضطهديه بالأمس وقادة جيشهم يتوافدون إلى طوبى، ويُقابَلون بالترحيب والتكريم، لأن المريدين "شُغِلُوا بالشكر عن التذكر". 

 

رضي الله تعالى عن شيخنا أحمد الخديم وجزاه عن الأمة الإسلامية خير الجزاء.

صفر مباركٌ

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...