الثلاثاء، 3 مايو 2022

إنه سراج منير !

كانت إشكالية بناء نظام تعليمي أصيل تطرح نفسها أم السلطات السنغالية منذ عهد الاستقلال إلى الآن. فعلى الرغم من الإصلاحات المتعددة التي أجريت في النظام التربوي السنغالي، لم يحدث فيه التغيير الجذري المأمول، وما زالت المحتويات التعليمية منسوخة من مناهج المدرسة الفرنسية الموروثة من عهد الاحتلال الفرنسي، بشيء من الترقيع.

في أعقاب الأزمة الاجتماعية التي اندلعت في شهر مايو ١٩٦٨، جرت محاولات لإصلاح النظام التربوي بحيث يتأسس على هوية المجتمع وقيمه الثقافية من خلال القانون التوجيهي الصادر سنة ١٠٧١م، ولكنها لم تؤد إلى نتائج ملموسة، وفي ١٩٨١، نظمت الحكومة ما تعرف بالجلسات العامة États Généraux حول التربية والتكوين بهدف تغيير النظام التربوي وإصلاحه ، ومن آثار هذه الإصلاح تطوير مناهج التاريخ لإدراج بعض الشخصيات التاريخية الوطنية.

وبالمقابل، كانت المدرسة العربية الإسلامية الحديثة شبه مستوردة، فلا يوجد للتراث الثقافي الإسلامي المحلي مكانة فيها، ويكاد الدارس فيها لا يعرف شيئا عن ثقافة مجتمعه ولا تاريخ وطنه. 

وكانت مؤسسة الأزهر الإسلامية سباقة في إجراء إصلاحات في هذا المجال بإدراج تدريس الشخصيات الدينية الوطنية البارزة في مناهجها، وإعداد مذكرة لهذه المحتويات.

ولا يخفى أن للكتاب المدرسي دورا كبيراً في تحقيق الأهداف التربوي، باعتباره وسيلة مهمة في العملية التعليمية التعلمية، ومرجعا أساسيا للمتعلم. فمن خلال الكتاب المدرسي تتحول المادة العلمية إلى مادة تعليمية تراعى فيها المستويات العمرية والعقلية للمتعلمين، وتُبنى على أسس نفسية وبيداغوجية وعلمية، لتكون مرشدا فعالا للمعلمين، ومرجعا قيما للمتعلمين.

وعلى هذا الأساس يكتسي كتاب أخينا الفاضل الباحث القدير الشيخ أحمد بمبا الخديم "السراج المنير في سيرة خديم البشير" أهميةً كبيرة من نواح عدة: فهو في الحقيقة كتاب مدرسي بكل ما يحمله هذا المصلح من معنى؛ فقد رُوعيت في تأليفه المعايير المنهجية المطلوبة، وهو بذلك يسد ثغرة في مناهجنا التعليمية.
 ومن ناحية أخرى يتناول سيرة واحدٍ من أبرز الشخصيات التاريخية والدينية التي أنجبها العالم الإسلامي بل البشرية جمعاء، ألا وهو العارف بالله المجدد الشيخ أحمد بمبا (رضي الله تعالى عنه) مؤسس الطريقة المريدية.
وأخيراُ يستهدف فئة الدارسين في المرحلة الأساسية من المدارس الإسلامية العربية، وهم في أمس الحاجة إلى دراسة سيرة الشيخ واستيعاب طرف من تعاليمه وتربيته، وجهاده، ومواقفه الباسلة تجاه الاحتلال الفرنسي. 

وعلى العموم، يُعد هذا المؤلَّف خدمةً جليلة للمدارس الإسلامية العربية بصفة خاصة، وللنظام التربوي بصفة عامة، لأن هذا النظام يفتقر إلى إصلاح جذري من حيث الغايات والمحتويات ليكون قادراً على تربية الأجيال وبناء هويتها وقفا لقيمنا الثقافية والروحية الأصيلة.

وأملنا كبير في أن تتبنى هذا الكتاب مدراسنا الإسلامية العربية على غرار إدارة "المجالس" التابعة لمجمع الشيخ أحمد الخديم التي قامت بنشره، وأن يتم ترجمته إلى اللغة الفرنسية لتتسع دائرة الانتفاع به.

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم ورحمة الله
    من فضلكم أحتاج إلى الرابط لتحميل هذ الكتاب إذآأمكن

    ردحذف

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...