السبت، 29 يوليو 2023

يوميات بعثة الحج ... من طوبى المحروسة إلى الحرمين الشريفين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يوفّق من شاء من عباده بفضل وجوده وكرمه، والصلاة والسلام على صاحب الروضة الشريفة سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وخديمه وأمته أجمعين.

وبعد، فقد وفّقنا الله تعالى ومنّ علينا وكرَّمنا بحجّ بيته الحرام وزيارة نبيّه المصطفى، صلى الله تعالى عليه وسلم، في بعثةٍ ميمونةٍ اختارها سماحةُ الخليفة مولانا الشيخ محمد المنتقى، حفظه الله تعالى وأيّده ونصره، فأردنا في هذه السطور سردَ أحداثِ هذه الرحلة المباركة سرداً موجزاً؛ تخليداً لذكرى هذه المنَّة العظيمة.

أعضاء البعثة

كانت هذه البعثةُ المباركةُ تتكون من هؤلاء الشيوخ: الأستاذ عافية أحمد انيانغ، والإمام الحاج فاضل بوسو تيرنو، وصالح امباكي بن الشيخ محمد الفاضل شعيب، ومصطفى امباكي حفيد الشيخ الخليفة، وشيخ فاطم امباكي ومام تيرنو امباكي ابنَي الشيخ مصطفى البشير، وسميِّ الخليفة منتقى بن الشيخ محمد مصطفى فاضل، والدكتور سام بوسو عبد الرحمن كاتب هذه السطور، والأستاذ النشيط مختار سيك قائد البعثة، وعبد العزيز امبي. ومن هؤلاء: السيدات سخن خديجة امباي حرم الشيخ الخليفة، وسخن مسلمة امباكي بنت الشيخ شعيب، وسخن مي امباكي بنت الخليفة، وسخن مام مريم امباكي بنت الشيخ أست فاي، وسخن مام فاط بنت الشيخ أستُ فال، وقد تشرّف برفقة هذه البعثة حجاجٌ آخرون.

الانطلاق

في مساء يوم الثلاثاء 2 من ذي الحجة 1444هـ، الموافق للعشرين من يونيو 2023م، بعد صلاة العشاء، كان انطلاقنا من «دار المنن» مقر إقامة الشيخ الخليفة بمدينة «طوبى» المحروسة، وفيه ودّعنا من رافقونا من الأهل والأقارب، الذين كانت مشاعر العطف تلوح في وجوههم.

وقبل الانطلاق إلى هذه الرحلة المباركة بيومين، استقبلنا سماحة الخليفة الشيخ محمد المنتقى -حفظه الله تعالى ورعاه- في بيته، وغمرنا بعطفه ومحبته ومباركته، وقد ذكَّرنا أثناء الجلسة بمكانة هذه العبادة في الإسلام، وباهتمام الشيخ الخديم رضي الله تعالى عنه بها، ثم دعا لنا طويلا بعد أن وصّانا بما وصانا به من إخلاص النية وقصد التقرب إلى الله تعالى وابتغاءِ مرضاته.

الرحلة

وصلنا إلى «مطار بليز جانج» حوال الساعة الحادية عشرة ليلا، وكان برفقتنا الشيخ مام تيرنو بن الشيخ محمد المنتقى، فقمنا بإجراءات السفر، وأخذنا اللقاح الأخير ضد الحمى الصفراء، ثم ركبنا الطائرة التي انطلقت بنا في الثالثة صباحا من يوم الأربعاء 3 ذي الحجة 1444هـ الموافق لـ22 يونيو 2023م، وحطت بنا، بحمد لله تعالى، في مطار «جدة» في الواحدة ظهراً بالتوقيت المحلي، وبعد استراحة قصيرة أقلَّتنا الأتوبيسات متجهةً نحو «مكة المكرمة»، ووصلنا إليها ليلا فرحين منبسطين رغم شدة التعب والإرهاق، بعد رحلة دامت أكثر من اثنتي عشرة ساعة من «دكار» إلى «جدة»، ومنها إلى «مكة المكرمة».

وقد أحرمنا إحرامَ مفردين ونحن على متن الطائرة عند موازاة «الجحفة»، ميقات أهل «مصر» و«المغرب» و«إفريقيا الغربية».

الوصول إلى «مكة المكرمة» و«طواف القدوم»

وفور وصولنا إلى «مكة» ونزولنا في «فندق الجامعة» بمنطقة «العتيبية» بالقرب من «جامعة أم القرى للطالبات»، على بعد ثلاث كيلومترات من الكعبة المشرفة، وضعنا أمتعتنا واسترحنا قليلا، ثم تهيأنا للتوجّه إلى الكعبة المشرفة التي طالما اشتقنا لرؤيتها!

فطفنا «طواف القدوم»، وصلّينا خلف «مقام إبراهيم». وسعينا بين «الصفا والمروة» مبتهلين إلى الله تعالى، وهذا «السعي» هو ثاني أركان الحج بعد الإحرام.

وعند نهاية الشوط الأخير من سعينا ارتفع آذان الفجر، فصلينا صلاة الفجر والصبح بالقرب من «المروة»، ومكثنا في مصلانا للذكر والدعاء إلى الإسفار، ثم عدنا إلى الفندق شاكرين الله تعالى.

وفي صباح يوم الجمعة تهيأنا، أنا والشيخ عافية والإمام الحاج فاضل والشيخ صالح؛ للتوجه إلى المسجد الحرام لأداء صلاة الجمعة، فوجدنا مع تبكيرنا أن المسجد امتلأ بالمصلين، فكنا مضطرين للصلاة تحت أحد الجسور القريبة من المسجد، ثم رجعنا تحت أشعة شمس لاذعة الى محطة الأتوبيسات، حيث استأجرنا سيارة تاكسي لتقلنا الى الفندق. وأخذنا قسطا من الراحة لمدة يومين.

الذهاب إلى «منى» في «يوم التروية»

وفي فجر يوم الاثنين الثامن من ذي الحجة، يوم التروية، ركبنا الباصات متوجهين إلى «منى» على بعد حوالى سبع كيلومترات من «مكة»، ووصلنا إليها ضحوة، وكان من حسن حظنا أن نزلنا في إحدى المخيمات الفاخرة القريبة من الجمرات.

قضينا «يوم التروية» في «منى» وصلينا فيها الصلوات الخمس، وقصرنا الرباعية منها دون جمع.

وقوف «عرفة»

وفي صباح اليوم التاسع، «يوم عرفة»، واصلنا الرحلة إلى «عرفة» وفيها قضينا النهار وجزءا من الليل.

كانت الأجواء في «عرفة» مفعمةً بالروحانية، فقد نزلنا في خيمة واسعة، وانهمك الحجاج بلباسهم البيض في عباداتهم وابتهلاتهم، وأذكارهم وتلاواتهم، إلى دخول وقت الظهر، فصلينا الظهر والعصر قصراً وجمعاً، وباشر الشيخ صالح امباكي في خيمتنا إمامة الصلاة وقراءة «دعاء يوم عرفة» بنظم شيخنا أحمد الخديم رضي الله تعالى عنه. واستمر الحجاج في أعمال التقرب إلى الله والابتهال، إلى أن مالت الشمسُ نحو الغروب، فخرجنا أنا والشيخ عافية، والشيخ صالح، والحاج محمد الفاضل برفقة الأخ شريف حسن بوسو والسيد مختار سك إلى «جبل عرفة»، حيث مكثنا بُريهة للابتهال إلى الله تعالى وقراءة بعض القصائد الخديمية.


النزول في «مزدلفة» والعودة إلى «منى»

وبعد غروب الشمس قفلنا راجعين نحو «مزدلفةَ»، وكان مظهر الحجاج المضطجعين على الأرض في جوف الليل في لباسهم البيض يبعث في الأذهان مشهد يوم القيامة! ونزلنا فيها قدر ما صلَّينا وجمعنا الحصيات للجمرات.

ثم واصلنا السير نحو «منى» ووصلنا إليها في الواحدة صباح يوم العيد، ولما نزلنا من الأتوبيس ضللنا الطريق، وظللنا نتوه إلى وقت صلاة الصبح، فصلينا ثم انتظرنا في أحد الشوارع إلى الشروق، وذهبنا إلى «جمرة العقبة»، وبعد الرمي واصلنا البحث عن المخيم إلى الساعة التاسعة صباحا، واهتدينا أخيرا إلى مخيمنا، وقد أنهكنا طول المشي!

وبعد الاستراحة تحلَّلنا واغتسلنا وحلقنا ولبسنا ثيابنا العادية.

أيام التشريق

وفي اليوم التالي، الحادي عشر من ذي الحجة، أول أيام التشريق، رمينا الجمرات الثلاثة بعد الزوال، وقمنا بالأمر نفسه في اليوم الثاني، وهو يوم الجمعة، وتوجهنا إلى «مكة» قبل غروب الشمس من يوم الجمعة متعجلين في يومين.

وأتذكر موقف الشيخ عافية في إصراره على أن يكون رمي الجمرات بعد الزوال، وقد كانت الوكالة تريد منا الرمي في الصباح لنتمكن من مغادرة «منى» بعد الظهر، ولكي نلحق بالباصات التي تنطلق إلى «مكة» في الثالثة، وقد دار نقاش طويل حول المسألة، وأخيرا قررنا نحن انتظار الزوال على خلاف جل الحجاج في مخيمنا!


الرجوع إلى «مكة المكرمة» و«طواف الإفاضة»

ولما وصلنا «مكة»، خلدنا للراحة إلى الساعة الثانية صباحا، ثم توجهنا إلى الكعبة لأداء الركن الرابع من أركان الحج، وهو طواف الإفاضة؛ فصلينا الصبح في «المسجد الحرام»، وطفنا بالبيت المشرف سبعة أشواط، مبتهلين ومنشدين لبعض القصائد الخديمة بقيادة المنشد الشيخ صالح امباكي ...

وبعد إتمام الأشواط صلينا خلف «المقام»، وتبركنا بـ«ماء زمزم»، وخرجنا شاكرين الله سبحانه وتعالى.

وتجولنا قليلا في الحرم وتناولنا فيه الفطور تحت «برج الساعة»، واشترينا فيها بعض الأشياء لتخليد ذكرى هذه اللحظات المباركة، كما التقطنا بعض الصور في الحرم، ثم رجعنا إلى الفندق وقد نال منا الجهد، وبدأنا نستريح لعدة أيام قبل أداء سنة العمرة.

أداء سنة العمرة

وفي مساء يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة، توجَّهنا إلى «مسجد أم المؤمنين سيدتنا عائشة» رضي الله تعالى عنها، للإحرام من جديد؛ لأداء سنة العمرة، ثم توجهنا إلى الحرم وصلَّينا في ساحته المباركة صلاةَ العشاء، وشرعنا في الطواف، وبعد إتمام الأشواط السبعة، صلينا ركعتين خلف «المقام» وتبركنا من «ماء زمزم»، وشربنا قهوة أعدتها إحدى المرافقات، سخن مام فاط امباكي؛ تبركا بـ«يوم الذكر» المنظم في «طوبى» بإذن من الشيخ محمد المنتقى، ثم سعينا بين «الصفا» و«المروة»، وتحللنا، وجلسنا في ساحة المسجد للاستراحة.

وأثناء الجلسة نظّمنا حلقة ذكر وإنشاد، ثم توجهنا إلى «محطة جرول»، وركبنا حافلتنا راجعين إلى الفندق في الساعة الثانية صباحا تقريبا.

وبعد يومين، أي في يوم السبت بعد صلاة العصر، زرنا «جبل النور» حيث يوجد «غار حراء»، وهو المكان الذي كان سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم يختلي فيه لعبادة ربه، وفيه نزل عليه الوحي لأول مرة. وهو جبل شاهق، وقد نجح بعضنا -وأنا منهم- في تسلق الجبل والوصول إلى قمته، والحمد لله رب العالمين!

كنتُ أتردَّدُ في الصعود، ثم رأيت عجائز، وشيوخاً بيضا لِحاهم، وأطفالاً صغاراً، يتسلَّقون بحماسة نحو القمة، فلُمتُ نفسي، وعزمتُ على الصعود.

وأثناء الصعود كنت أتخيَّلُ كيف كان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حريصا على الابتعاد عما كان عليه كفار «مكة» من عبادة الأوثان، وحريصا على الخلو مع ربه تعالى وسط مجتمع جاهلي متوغل في الجاهلية!

وفي طريق العودة توقَّفنا لدى «مقبرة المعلاة»، حيث دُفِنت سيدتنا خديجة رضي الله تعالى عنها.

وفي هذه المقبرة يوجد قبر والدنا العلامة الزاهد، الشيخ حسن بوسو بن الشيخ امباكي بوسو، الذي توفي في مكة سنة 1976م في موسم الحج. وقد حقق الله تعالى أمنيته في مجاورة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان عبَّر عن هذه الأمنية في بيتين من الشعر رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وهما:

جنَابَ القرْمِ أَخدمُه إذا ما

 

مواجهةُ الحبيبِ هنا تَفوتُ

وأرجو الله في ذا السَّعْيِ حوْزِي

 

مُجَاورةَ الشفيعِ إذا أموتُ

 وأثناء إقامتنا في مكة بعد الحج، زارنا إخوة أفاضل زيارة تفقدية، منهم معالي الدكتور خادم سيلا نائب المفوض العام، وسعادة القنصل العام بجدة السيد شيخنا امباكي بن الشيخ محمد الأمين، والأخ العزيز القاضي محمد المرتضى بوسو أحد مسؤولي المفوضية، والمفوض العام الدكتور أبو بكر سار.

 وكان لقائد بعثتنا السيد مختار سك وزميله شريف حسن بوسو دور كبير في خدمة الحجاج ومعاونتهم في قضاء حوائجهم بنشاط وأريحية.

وقد ساد غرفتَنا طيلة مكثنا في «مكة» جو مفعم بالمتعة والإفادة بين نقاشات علمية وروايات جميلة وطرائف مليحة وأحاديث مفيدة ومراجعات فقهية ... وكانت الغرفة تضم كلا من الشيخ صالح والشيخ عافية والحاج فاضل والشيخ مصطفى ومني.

الرحلة إلى المدينة المنورة

وفي ظهر يوم الخميس 25 من ذي الحجة 1444هـ (17 يوليو 2023م)، غادرنا «مكة المكرمة» في الحافلات متوجهين إلى المدينة المنورة لزيارة سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كانت حرارةُ الشمس اللاذعة تعيد إليَّ ذكرياتِ هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما قاسه هو وصحابته لرفع كلمة «لا إله إلا الله» ونشر رسالته، بعد أن سامه قريش ألوانا من الأذى وحارب دعوته بكل قسوة.

كان كثيرٌ منا يشكو من مشقة الرحلة ونحن داخل حافلات مكيفة الهواء، فكيف بمن قطع هذه المسافة على ظهر جمل وحيدا مع صديقه الوفي رضي الله تعالى عنه؟!

وصلنا إلى «المدينة المنورة» بعد ست ساعات من السفر، ونزلنا في «فندق البراق» الذهبي القريب من الحرم النبوي الشريف، وبعد تناول العشاء وسط زحمة شديدة استعددنا لزيارة الروضة الشريفة والصلاة في المسجد النبوي الذي قال عنه عليه السلام «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ».

دخلنا الحرم وتوجهنا إلى الروضة الشريفة، وسلمنا على صاحبها -صلى الله عليه وسلم- وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، ثم دخلنا المسجد وصلينا المغرب والعشاء، ثم جلسنا لقراءة القرآن والقصائد الخديمية والذكر والدعاء إلى وقت صلاة الصبح، فصلينا فيها وعدنا إلى الفندق.

هكذا قضينا في «المدينة المنورة» بجوار «المسجد النبوي» أربعة أيام زرنا خلالها «بقيع الغرقد»، مقابر العديد من صحابة الرسول وأهل بيته الشرفاء رضي الله تعالى عنهم، و«مسجد قباء» الواقع في جنوب «المدينة»، وهو مسجد له فضل عظيم؛ لأنه أول مسجد بني في الإسلام، وقد ثبت عن النبي : «أنه كان يزور قباء كل سبت، راكبًا وماشيًا»، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه ركعتين كان كعمرة». وبحمد الله تعالى صلينا فيه ركعات، راجين من الله تعالى أن يتقبلها منا!

وبالقرب من محل إقامتنا يوجد «مسجد الغمامة»، وهو مسجد بناه سيدنا عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- في الموضع الذي صلى فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم آخر صلاة عيد في حياته، وما زال يصلَّى فيه الصلوات الخمس غلى الرغم من قربه الشديد للمسجد النبوي..... وسبب التسمية -كما روي- أن النبي صلى الله تعالى وسلم كان يصلي في هذا المكان صلاة الاستسقاء فظللته غمامة أثناء الصلاة!

وأثناء وجودنا في «المدينة» زارنا الأخ الفاضل السيد الإمام غاي والشيخ القاضي محمد يحظيه بن الحسن، ودار بيننا حديث شائق وذكريات جميلة حول العلاقة الروحية التي جمعت بين الشيخ الخديم -رضي الله عنه- وجده أحمدو بن الحسن أول من أخذ الورد المأخوذ من المريدين.

كما التقينا في «المدينة» برجال نشطاء في خدمة الحجاج منهم الأخ العزيز سرين امباكي لوح محمد.

التأهب لمغادرة «المدينة المنورة»

وبقلوب مفعمة بمشاعر متباينة ما بين فرحة غامرة لزيارة المسجد النبوي والروضة الشريفة وحزن عميق لمفارقة هذه البقعة الطاهرة، رتبنا حقائبنا في مساء يوم الاثنين 27 من ذي الحجة 1444هـ/ 17 من يوليو 2023م؛ للتوجه إلى «جدة»، وكنا نتوجس خيفة من طول هذه الرحلة التي قد تدوم ست ساعات من «المدينة» إلى «جدة» بالسيارة، وتسع ساعات من «جدة» إلى «مطار بليز جانج» بالطائرة، وحوالي ساعتين من المطار إلى «طوبى».

ولكن بفضل الله تعالى تطوَّع أحد المريدين بواسطة الشيخ صالح امباكي بشراء تذاكر لبعضنا ليسافروا عبر القطار السريع الذي يقطع المسافة بين «المدينة المنورة» و«جدة» في ساعتين، وقد هوَّن ذلك عناء هذه الرحلة بشكل كبير.

وصلنا إلى «مطار الملك عبد العزيز الدولي» بـ«جدة»، ونزلنا من القطار السريع ثم استأجرنا سيارة تاكسي لتقلنا إلى صالة الححاج، وانتظرنا فيها حوالي ثلاث ساعات، ثم صلينا فيها صلاة الصبح قبل الشروع في إجراءات ركوب الطائرة، وقد انطلقت بنا في الساعة الثامنة والنصف صباحا، متوجهة إلى «مطار بليز جانج»، وحطت بنا في الساعة الثانية بعد ظهر يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من ذي الحجة 1444هـ الموافق للثامن عشر من يوليو 2023م.

من المطار إلى الشيخ الخليفة

وبعد استلام الأمتعة والخروج من المطار، وجدنا في استقبالنا الشيخ مام تيرنو امباكي ابن الشيخ محمد المنتقى، وقد ازدادت سعادتنا لمَّا علمنا بأن سماحة الخليفة شرَّفنا بإرسال سيارته الخاصة؛ لتقلنا من المطار إلى منزله بـ«دار التنزيل» مباشرة، ووصلنا إليه في السابعة السابعة مساء. ووجدنا أن الشيخ حفظه الله تعالى كان يعدّ لنا مأدبة لضيافتنا وإظهار سعادته وشكره لله تعالى بعودتنا سالمين غانمين!

ولا يمكن لأحد أن يتصور ما كنا نشعر به من غبطة وسعادة في هذه اللحظات ونحن ننتظر رؤية طلعة الشيخ البهية، والتبرك بكرمه، وملاقاة الأهل والأصدقاء!

وبعد تناول ما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة، استقبلنا الشيخ الخليفة بالوجه الطلق الباسم الذي كان بلسماً شافيا لكل ما عانيناه من وعثاء السفر، فسلّمنا عليه، وقدمنا إلى حضرته هدايا رمزية اقتنيناها من الأماكن المقدسة. وكانت هذه الجلسة الطيبة مسك ختام لرحلة مباركة لن ننساها مدى الحياة!

تقبل الله منا ومن شيخنا محمد المنتقى وأبقاه ذخرا للإسلام والمسلمين.

                                                         د. سام بوسو عبد الرحمن

                                طوبى غرة شهر محرم 1445هـ/ الموافق لـ 19 يوليو 2023م.

تحميل بصيغة pdf

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...