الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

تأملات في الخطاب الأخير للخليفة الشيخ محمد المنتقى حفظه الله!


من يتأمل في خطابات الشيخ محمد المنتقى ـ حفظه الله ـ يدرك بوضوح حرصه البالغ على زيادة وعي المريدين وشحذ هممهم. فيلاحظ متابع خطاباته أنه تسود في كلماته نبرة حث الأتباع وتحفيزهم نحو التطلع إلى المعالي والابتعاد عن السفاسف، ويتكرر فيها تذكيرهم بضرورة الاهتمام بالعلم والاشتغال بالعبادة والتفاني في الخدمة، ويظهر من خلالها أن هذه الأمور ينبغي أن يكون في مقدمة أولويات المريد السالك.

فكأن الشيخ حفظه الله يعمل على تشكيل وعي جديد لدى المجتمع المريدي بمقتضيات الإرادة الصادقة من همةٍ عالية وأخلاقٍ فاضلةٍ وسلوكٍ مستقيم: نراه مراراً يرمز إلى أن الوقتَ قد حان للانتقال من حالة "السكر العارض" إلى حالة "الصحو الدائم" وللوعي بالمسئولية المنوطة على عاتق كل مريد، ويدعو إلى مضاعفة الجهود لاستيعاب مهمة الشيخ الخديم رضي الله عنه وتطبيق تعاليمه (xam Sëňbi ak dundu ko).
وفي الخطاب الأخير الذي ألقاه الشيخ حفظه الله تعالى بمناسبة لقائه بالمشتغلين بالعلم، صرح هذه المرة، بشكل لا يدع مجالا للاحتمال، بتلك المسئولية الكبرى التي كان يشير إليها. وفي الحقيقة، تتمثل هذه المسئولية في "الأمانة" التي عرضها الله سبحانه وتعالى ﴿على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان﴾ [الأحزاب، ٧٢]. وحملُ هذه الأمانة هو معيار التمييز بين أهل النفاق والشرك وبين أهل الإيمان والتوحيد، ﴿ ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المومنين والمومنات﴾ [الأحزاب، ٧٣].

وهذه الأمانة على رأي جمهور المفسرين هي "الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد" أو "هي جميع وظائف الدين"، وبحملها تتحقق "الهداية" الضامنة لكرامة الإنسان ورقيه وسعادته، وبضياعها تفقد الحياة قيمتها وتنهار الإنسانية برمتها، ومن هنا قال الشيخ " إما الهداية وإما انهيار الإنسانية"، وهنا تكمن جسامة تلك المسئولية التي ترفع الإنسان وتميزه عن باقي المخلوقات الأخرى.

ونفهم من كلام الشيخ الخليفة أن مهمة خديم الرسول صلى الله عليه وسلم الأساسية هي قيادة الناس في تحمل المسئولية الكبرى بحمل "الأمانة" وبهذه المهمة تتحقق وراثته. ومن هنا تأتي ضرورة الوعي بهذه الأمانة التي هي في الحقيقة مسئولة البشرية جمعاء.

والشيخ حفظه الله تخيَّر بدقةٍ المفاهيمَ التي استخدمها في خطابه، وتحرى المستوى الذي يتواءم مع المخاطَين، لأنهم في واقع الأمر يُمثلون أهل العلم والفكر، فخاطبهم على قدر عقولهم.
وعلى هؤلاء النخبة من العلماء ( أو المشتغلين بالعلم ) بدورهم فهم الرسالة المضمنة في الخطاب واستيعابها وتبسيطها وتبليغها لعامة المريدين، حتى يتسنى لكل فرد منهم أن ينهض بدوره، ويكون على مستوى نصيبه من المسئولية الكبرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...