وصل إلينا وباء كورونا على حين غرة، وصل ولم يكن كثير من الناس يظنون أنه سيكون له مثل هذا الوقع وهذا التأثير في حياة الناس المادية والنفسية والعقلية، فرض نفسه كحقيقة ماثلة أمامنا، أقام الدنيا ولَم يقعدها، ولم يلُح في الأفق ما يفيد بأنه سيرحل عما قريب، ولم يكشف بعد عن جميع خباياه، ومع ذلك لا نستطيع أن نمتنع عن قراءة هذا الواقع الذي فرض نفسه علينا قراءةً سريعة، وإن لم تكتمل الصورة بعد، ولَم يحن وقت استخلاص نتائج نهائية. سنحاول إلقاء نظرة على مختلف المواقف التي تعاملت مع الوضع الطارئ وما كشف عنه هذا التعامل من مشكلات في المجتمع قبل أن نأتي ببعض الاستنتاجات.
في بداية الأمر وقفت الحكومة موقفا حازما، وتعاملت مع الوباء بمسؤولية واتخذت تدابير مهمة لمنع انتشار الفيروس وعلاج مصابيه؛ فحظرت التجمعات وأغلقت المدارس والجامعات، وأعلنت حالة الطوارئ ومنعت التجول ليلا، ولمواجهة الآثار الاقتصادية حشدت مبلغا طائلا (ألف مليار فرنك).
ومن جهة أخرى، بادرت جمعيتان من جمعيات الأئمة باتخاذ قرار إغلاق المساجد تجاوبا مع منع السلطات للتجمعات، فالتزمت بهذا القرار أغلبية المساجد بعدما أصدر محافظ إقليم دكار مرسوما قرر بموجبه إغلاق جميع المساجد في العاصمة.
وقد تجاوب زعماء الطرق الصوفية في جميع عواصمها بإلغاء المناسبات التي برمجوها إلا أن صلاة الجمعة والصلوات الخمس ظلت تقام في مسحد طوبى الجامع، مع اتخاذ تدابير لمنع انتشار الفيروس من بينها تقليص عدد المصلين ووضع الكمامات والتباعد في الصفوف.
وفي خضم الأحداث خضعت الصحافة لتوصيات الحكومة بالتزام نشر المعلومات الرسمية الواردة من وزارة الصحة والمشاركة في توعية المواطنين، كما أبدى المجمع التزامها البقاء في المناول في أوقات الحظر. ولكن مواقع التوصل الاجتماعي كانت منبرا مفتوحا للآراء والموقف المتضاربة.
وفي ظل الإجراءات الخانقة والتحليلات المتباينة، شرعت أصوات خافتة تخرج لتشجب محاولة بعض العلمانيين المتطرفين استغلال الوضع لإغراء الدولة باستعراض عضلاتها أمام القوى الدينية بدل إشراكها في عملية إدارة الأزمة، وبدأ كثير من المواطنين يقتنعون بأن في الامر نوعاً من التهويل لمصالح معينة.
وقد كشف الوضع عن مشكلات مجتمعية تحتاج إلى وقفة ودراسة لأنها قد تمثل عراقيل حقيقية لنهوض المجتمع، ومن أبرزها :
· فجوة كبيرة بين القلة الغنية والأغلبية الفقيرة، انعكست على مواقف كلا الطرفين تجاه الوباء وعلى الخطاب المبثوث عبر االقنوات الإعلامية التقليدية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
· سرخة بين شريحة تعتبر نفسها "الطبقة المثقفة" وبين عامة المواطنين العاديين "بادُولَ"، أدت إلى نظرة دونية تجاههم أو ارتياب منهم، تظهر من خلال سلوك همجي أواستخفاف يُلاحظ أحيانا في تعامل قوات الأمن مع البسطاء من الناس.
· تشتت في مواقف التنظيمات الإسلامية تجاه قرارات الحكومة فيما يخص منع التجمعات، وقد دفع هذا التشتت سلطاتنا إلى إدارج المساجد في الحظر دون سابق مشاورة مع المعنيين.
· ضعف ثقة المواطنين تجاه الحكام، ويلاحظ في استخفافهم بما تصدره الحكومة من معلومات وما تقدمه من وعود.
من خلال تأملنا في كيفية التعامل مع هذه الجائحة، تكشفت أمامنا مشكلات يعاني منها المجتمع كما خلصنا إلى بعض الاستنتاجات الأولية، وهي:
· حاجة المجتمع إلى ثورة ثقافية تنصهر فيها رواسب الاستعمار الفكري لتؤدي إلى بناء هوية وطنية تؤسس لنهضة حقيقية، فلا يمكن لمجتع تتعد فيها المرجعيات وتتعارض أن يحقق الانسجام والتماسك والتضامن وأن تتعزز فيه الثقة المتبادلة.
· ضرورة إعادة ترتيب الأوليات في السياسات التنموية للحكومة، فالعناية بالشركات الكبيرة وعمالها وإهمال أصحاب الحرف وصغار التجار يدل على تحكم المصالح الأجنبية في اقتصادنا، ولا يتحقق نمو في ظل هذه الأوضاع.
· ضرورة بناء الثقة بين الحاكم والمحكومين من خلال تطبيق الحكامة الرشيدة واحترام مبادئها المتمثلة في الشفافية والعدالة والمسؤولية ونحوها.
· ضرورة إعادة النظر في العلاقات بين الأطراف المعنية بالشأن الديني في البلاد، فغياب التنسيق بين جمعيات الأئمة وزعماء الطرق الصوفية في إدارة الأزمة أوقع الحكومة في ارتباك شديد في تعاملها مع دور العبادة، وتسبب في إحجامها عن إشراك هذه الأطراف في الحرب ضد الفيروس كما ينبغي؛ فمما لا بد منه إيجاد آليات تمكن من توحيد المواقف في مثل هذه القضايا العامة.
لم يكشف الوباء بعدُ عن جميع خباياه، وقد بدأت أصوات مسؤولة تشكك في سداد الإجراءات المتخذة، وتوحي بأن في القضية تلاعبا وضبابية، وربما تكشف الأيام القادمة عن بعض الحقائق، ومع ذلك سمحنا لأنفسنا هذه القراءة السريعة ريثما تكون الصورة أكثر وضوحا.
في بداية الأمر وقفت الحكومة موقفا حازما، وتعاملت مع الوباء بمسؤولية واتخذت تدابير مهمة لمنع انتشار الفيروس وعلاج مصابيه؛ فحظرت التجمعات وأغلقت المدارس والجامعات، وأعلنت حالة الطوارئ ومنعت التجول ليلا، ولمواجهة الآثار الاقتصادية حشدت مبلغا طائلا (ألف مليار فرنك).
ومن جهة أخرى، بادرت جمعيتان من جمعيات الأئمة باتخاذ قرار إغلاق المساجد تجاوبا مع منع السلطات للتجمعات، فالتزمت بهذا القرار أغلبية المساجد بعدما أصدر محافظ إقليم دكار مرسوما قرر بموجبه إغلاق جميع المساجد في العاصمة.
وقد تجاوب زعماء الطرق الصوفية في جميع عواصمها بإلغاء المناسبات التي برمجوها إلا أن صلاة الجمعة والصلوات الخمس ظلت تقام في مسحد طوبى الجامع، مع اتخاذ تدابير لمنع انتشار الفيروس من بينها تقليص عدد المصلين ووضع الكمامات والتباعد في الصفوف.
وفي خضم الأحداث خضعت الصحافة لتوصيات الحكومة بالتزام نشر المعلومات الرسمية الواردة من وزارة الصحة والمشاركة في توعية المواطنين، كما أبدى المجمع التزامها البقاء في المناول في أوقات الحظر. ولكن مواقع التوصل الاجتماعي كانت منبرا مفتوحا للآراء والموقف المتضاربة.
وفي ظل الإجراءات الخانقة والتحليلات المتباينة، شرعت أصوات خافتة تخرج لتشجب محاولة بعض العلمانيين المتطرفين استغلال الوضع لإغراء الدولة باستعراض عضلاتها أمام القوى الدينية بدل إشراكها في عملية إدارة الأزمة، وبدأ كثير من المواطنين يقتنعون بأن في الامر نوعاً من التهويل لمصالح معينة.
وقد كشف الوضع عن مشكلات مجتمعية تحتاج إلى وقفة ودراسة لأنها قد تمثل عراقيل حقيقية لنهوض المجتمع، ومن أبرزها :
· فجوة كبيرة بين القلة الغنية والأغلبية الفقيرة، انعكست على مواقف كلا الطرفين تجاه الوباء وعلى الخطاب المبثوث عبر االقنوات الإعلامية التقليدية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
· سرخة بين شريحة تعتبر نفسها "الطبقة المثقفة" وبين عامة المواطنين العاديين "بادُولَ"، أدت إلى نظرة دونية تجاههم أو ارتياب منهم، تظهر من خلال سلوك همجي أواستخفاف يُلاحظ أحيانا في تعامل قوات الأمن مع البسطاء من الناس.
· تشتت في مواقف التنظيمات الإسلامية تجاه قرارات الحكومة فيما يخص منع التجمعات، وقد دفع هذا التشتت سلطاتنا إلى إدارج المساجد في الحظر دون سابق مشاورة مع المعنيين.
· ضعف ثقة المواطنين تجاه الحكام، ويلاحظ في استخفافهم بما تصدره الحكومة من معلومات وما تقدمه من وعود.
من خلال تأملنا في كيفية التعامل مع هذه الجائحة، تكشفت أمامنا مشكلات يعاني منها المجتمع كما خلصنا إلى بعض الاستنتاجات الأولية، وهي:
· حاجة المجتمع إلى ثورة ثقافية تنصهر فيها رواسب الاستعمار الفكري لتؤدي إلى بناء هوية وطنية تؤسس لنهضة حقيقية، فلا يمكن لمجتع تتعد فيها المرجعيات وتتعارض أن يحقق الانسجام والتماسك والتضامن وأن تتعزز فيه الثقة المتبادلة.
· ضرورة إعادة ترتيب الأوليات في السياسات التنموية للحكومة، فالعناية بالشركات الكبيرة وعمالها وإهمال أصحاب الحرف وصغار التجار يدل على تحكم المصالح الأجنبية في اقتصادنا، ولا يتحقق نمو في ظل هذه الأوضاع.
· ضرورة بناء الثقة بين الحاكم والمحكومين من خلال تطبيق الحكامة الرشيدة واحترام مبادئها المتمثلة في الشفافية والعدالة والمسؤولية ونحوها.
· ضرورة إعادة النظر في العلاقات بين الأطراف المعنية بالشأن الديني في البلاد، فغياب التنسيق بين جمعيات الأئمة وزعماء الطرق الصوفية في إدارة الأزمة أوقع الحكومة في ارتباك شديد في تعاملها مع دور العبادة، وتسبب في إحجامها عن إشراك هذه الأطراف في الحرب ضد الفيروس كما ينبغي؛ فمما لا بد منه إيجاد آليات تمكن من توحيد المواقف في مثل هذه القضايا العامة.
لم يكشف الوباء بعدُ عن جميع خباياه، وقد بدأت أصوات مسؤولة تشكك في سداد الإجراءات المتخذة، وتوحي بأن في القضية تلاعبا وضبابية، وربما تكشف الأيام القادمة عن بعض الحقائق، ومع ذلك سمحنا لأنفسنا هذه القراءة السريعة ريثما تكون الصورة أكثر وضوحا.
"حاجة المجتمع إلى ثورة ثقافية تنصهر فيها رواسب الاستعمار الفكري لتؤدي إلى بناء هوية وطنية تؤسس لنهضة حقيقية، فلا يمكن لمجتع تتعدد فيه المرجعيات وتتعارض أن يحقق الانسجام والتماسك والتضامن وأن تتعزز فيه الثقة المتبادلة."
ردحذفبارك الله فيكم سعادة المفتش