الأربعاء، 28 يناير 2015

بين حرية التفكير وحرية التعبير !

 تمثل قضية الحرية من أقدم وأبرز القضايا التي شغلت بال الفلاسفة والمفكرية وعلماء الكلام والمتصوفة، فتناولوها بالمناقشة والدراسة بجميع جوانبها واختلفت الزوايا التي تمت معالجتها منها.
فهناك اختلاف في كون الإنسان مخيرا أم مسيرا أو بعبارة أخرى مخلوقا يتمتع بحرية الاختيار والتصرف أم مجبرا في أفعاله لا حرية له ولا خيار. وقد كان نقاش علماء الكلام من المسلمين ينصب في هذا الاتجاه ومن هنا عرفت في تاريخ الفكر الاسلامي مذاهب الجبر ومذاهب الحرية .
وفي الفلسفة الغربية الحديثة يوجد اهتمام خاص بقضية الحرية وقد أدى هذا الاهتمام إلى ظهور الإعلانات والمواثيق الدولية والقوانين التي ترمي إلى كفالة الحريات الكاملة للإنسان. وفصلوا في بيان أبعاد هذه الحرية، من حرية في الحياة وفي العقيدة وفي التنقل وفي التفكير وفي التعبير … إلى آخر ما هناك من حريات.

واذا كان هناك شبه إجماع في ضرورة كفالة وحماية حريات الأفراد فهناك خلافات حادة حول تنزيل هذه المبادئ في واقع الحياة وخاصة فيما يتعلق بالقيود المحيطة بهذه الحريات في أوضاع معينة وخاصة حين تتسب ممارسة الحرية في إلحاقالضرر بالآخرين أو في حرمانهم من حقوقهم الأساسية المكفولة.
وفي هذا الاتجاه يصبح من الضروري التفريق بين الحريات من حيث الممارسة فهناك أنواع يمكن أن تكون مطلقة - إذا سلمنا بفكرة الإطلاق هذه - مثل حرية التفكير فليس هنا من سبيل إلى تحديد نطاق التفكير لشخص ما أو حرمانه من حريته في أن يفكر فيما شاء ويتخذ فيه رأيا. ولكن حين يتعدى الأمر نطاق التفكير والرأي إلى التعبير تتحول القضية من مستوى الفرد الى مستوى المجتمع لأن لكل مجتمع قيما ومعايير ومبادئ يسير عليها، ومنها احترام حقوق الآخرين ومعتقداتهم؛ فليس للفرد حرية التعدي على مقدسات الاخرين باسم حرية التعبير. فحين يسمح بذلك في مجتمع ما فلا بد من وجود خلل في منظومته القانونية حيث تغيب عدالة في تلك المنظومة أو في تركيبته الاجتماعية حيث تتعرض فئات ما للتمييز العنصري فينظر إلى مقدساتها بعدم الاكتراث واللامباة.

وأكبر الظن أن هؤلا الذين يسيئون استخدام حرية التعبير بحجة حمايتها لهم أغراض أخرى تتجاوز قضية الحريات، فيا ترى ما هي هذه الأغراض ؟!


هناك 4 تعليقات:

  1. الشيخ عبد الأحد امباكي عبد الباقي29 يناير 2015 في 8:03 م

    فعلى عجالة من أمري طالعت مقالكم القيم القليل الألفاظ والكثير المعاني والمعنون ب بين حرية التفكير وحرية التعبيرفإذا بكم ـ كما عُهدتم ـ قدأجدتم وأفدتم بالسؤال العريض المهم الذي سألتم فجزاكم الله خيرا وكفاكم ضيرا
      نعم أخي الفاضل ينبغي لنا  أن  نتبين ونتثبت نحن معاشر المسلمين من إثارات وأطروحات غيرالمسلمين (الآخر)(الغرب ) الخ  ؛ انطلاقا من تعاليم ديننا الحنيف مع تجنب الإفراط في نظرية المؤامرة التي يرجع إليها  بعض الكسالى منا الأمور والمستجدات كلها مستسلما دون بذل الجهود العلمية والعملية الممكنة واللازمة للرد ولمحاولة التخلص والنجاة .
    لكن  يسيرالنظروالتأمل يوحي أن التعدي السافر على الحريات العامة ـ كما بينتم ـ  بادعاء حماية حريات التعبيرينم عن أغراض سيئة تجاه حقوق المتعدى عليهم من غيرما عدل ولا إنصاف ،
    وهل يمكننا الوقوف فعلاعلى تلك المكائد التي كادوها وهم يبيتون مالايرضى من القول ؟ وهل يلزمنا معرفتها بالتحديد ؟ أم المهم هو أن نأخذ حذرنا ؟ و نجنب السذاج والسفهاء والمتحمسين الشبان أن ينجروا وينخدعوا للتصرف اللامسئول كمايراد من تلك الأغراض السيئة !؟ ثم نشمرعن سواعد الجد لاستعادة مجد الإسلام ورفعته بالسلوك المستقيم والعمل الجاد والترفع عن كل الانهزام أوالرد الانفعالي لتلك الاستفازات .
    هذا وخيرسبيل لذلك الموقف الضروري هو العلم والعمل بمفهومهما الصحيح الذي يشيرإليه شيخنا وإمامنا الشيخ الخديم قدس الله سره ورضي عنه بقوله :
    فالعلم والعمل جوهران   لخيري الدارين يجلبان ...
    ولاشك أن من غرائب هذاالزمان مايرفع فيه من ألوية ورايات العدل والحرية والكرامة إذا قورن ذلك بما يرتكبه بعض أولئك الخافضين  الرافعين من الظلم والجوروالتسلط وغيرها من الأمورالتي تظل ملبسة على غيرأولي الألباب لمايبثه وينشره وسائل الإعلام ونحوها من خلاف ذلك بالتحليل غير المنهجي والتلفيق والتنميق والتزيين لماشاءوا وكيف شاءوا !!
    فاللهم يامقلب القلوب ومثبتها ثبثنا على الإيمان والإسلام والإحسان وارزقنا بفضلك وجودك  وكرمك ومنك يارحيم يارحمان يامنان يالطيف السلامة والعفووالعافية في الدارين آمين يارب العالمين

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. إن قضية الحرية- بمختلف جوانبها- لن تزال تشغل بال المسلمين.
    وذلك أن الحضارة التي تطغي على العالم اليوم هي الحضارة الغربية لا محالة، وهي تستمد أصولها من "فلسفة الأنوار" التي تتخذ الحرية -بدون قيد- من أهم الأسس التي تقوم بها وعليها. فإن عاصفة فلسفة الأنوار كانت شديدة الهبوب بحيث لم تلبث أمامها الكنيسة- بما كانت لها من قوة مادية وسيطرة في الشؤون العامة- أن انهزمت أمامها ليبقى الدين (أو التدين) بعد مرور عاصفة القرن السابع عشرة (قرن الأنوار) قضية شخصية.
    بالتالي، لعلنا إذا نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية نجد أنه أقرب ما يكون صراعا حضاريا (Choc de civilisation).
    كل هذا يدعونا نحن المسلمين، وعلى وجه الخصوص أولوا الأمر (العلماء/الدارسين/رجال التربية) أن نعيَ بخطورة المرحلة التي وصلت إليها مسيرة الحضارة الإنسانية، وأن نعمل من أجل أن نمهد لديننا وعقائدنا مكانها بقوة الفكر والعلم، وباستحضار المهمة العظيمة التي أنيط بكاهلنا: مهمة خلافة الخالق في أرضه؛ فنكون خير خلفاء لخير مستخلِف.
    نشكر فضيلة الأستاذ: سام على هذا الطرح الجيد، وننتظر منكم المزيد...
    دمتم موفقين
    محبكم :
    Mouhamadou Bamba DRAME (Maroc).

    ردحذف
  4. شكرا للأخوين الشيخ عبد الأحد والشيخ خادم فقد وضع كل واحد منها أصبعه على نقطة استراتجية؛
    الأول في قوله : "المهم هو أن نأخذ حذرنا و نجنب السذاج والسفهاء والمتحمسين الشبان أن ينجروا وينخدعوا للتصرف اللامسئول كمايراد من تلك الأغراض السيئة ! ثم نشمرعن سواعد الجد لاستعادة مجد الإسلام ورفعته بالسلوك المستقيم والعمل الجاد والترفع عن كل الانهزام أوالرد الانفعالي لتلك الاستفازات" .
    والثاني في قوله :" أن نعيَ بخطورة المرحلة التي وصلت إليها مسيرة الحضارة الإنسانية، وأن نعمل من أجل أن نمهد لديننا وعقائدنا مكانها بقوة الفكر والعلم، وباستحضار المهمة العظيمة التي أنيط بكاهلنا: مهمة خلافة الخالق في أرضه؛ فنكون خير خلفاء لخير مستخلِف."
    فمن شأن هذه الأفكار أن تضعنا في السعي نحو الغايات السامية دون الاكتفاء بمواقف دفاعية عقيمة.
    بارك الله في الأخوين !

    ردحذف

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...