تتجه الأنظار اليومَ إلى "بُروخان" مثوى السيدة الجليلة الفاضلة مريم بوسو جارة الله والدة مؤسس الطريقة المريدية (رضي الله عنهما) في ذكراها السنوية. وفي هذه القرية الواقعة في منطقة سالم شمالي البلاد تتجمع آلاف مؤلفة من الناس للذكر والدعاء والتبرك ببركات السيدة مريم. وتبث باستمرار عبر الإذاعات أيضا برامج تتناول جوانب مختلفة من حياتها الشريفة لتُذكرَ بكرم أخلاقها وجمال خصالها وسيرتها العطرة، وتكاد الشهادات والروايات تتفق على أنها حازت ما حازت من المآثر والفضائل بعون الله تعالى واجتهادها في عبادة الله تعالى وطاعة شيخها بكل تفانٍ وإخلاص. ويتطرق كثير من المتحدثين إلى مواقف والدتها سغن عائشة امباكي التي كانت تُضرب بها المثل في التبحر في العلم والشجاعة والجدية.
ويستخلص من ذلك كله أن مام جارة حظت باعتناء والديها بها وتربيتهما لها منذ نعومة أظفارها فنالت إعدادا جيدا مكَّنها بفضل الله من بلوغ مراتب عالية. وسؤالي هو هل نستفيد من هذا الجانب من حياة السيدة الفاضل فنعتني ببناتنا اعتناء بالغا لعلهن يرزقن بأولاد صالحين فينهضن بأعباء تربيتهم بكفاءة وجدارة ؟
فالذي يُمعن النظر في حياتنا قد يلحظ بأن وضعية المرأة بدأت تتحسن في العقود الأخيرة من حيث الاهتمام بتربيتها وتزويدها بالكفاءات الضرورية في الحياة، ويشهد لذلك أن عدد الإناث لا يقل عن عدد الذكور في المدارس إلا أن حظ هؤلاء الذكور في مواصلة دراساتهم أفضل بكثير حتى الآن من حظهن، والعراقيل أمامهن أكثر مما يعانيه زملاؤهن.
ومن ناحية أخرى نسمع كثيرا عن تفاني السيدة مريم في طاعة شيخها مام مور أنت سالي ولم نسمع مثله في معاشرة الشيخ إياها بالمعروف واحترامه لها ولأخواتها في البيت؛ فكأننا نذكر النسوة بنموذج مام جارة كزوجة صالحة قانتة عابدة ولا نريد الاقتداء بالشيخ كزوج صالح تقي يعامل كريماته معاملة قائمة على العدل والشفقة والرعاية. فهناك بالفعل فجوة كبيرة على مستوى الخطاب بين نصيب الرجال من التذكير والوعظ ونصيب النساء منهما مع أن على هؤلاء الرجال في وقتنا الراهن أن يقطعوا شوطا بعيدا قبل بلوغ درجة الوفاء بحقوق الزوجية.
إن كثيرا من الرجال حاليا يجرون الآن وراء إشباع شهواتهم ولا يبتغون شيئا وراءها ومن هنا تعاني كثير من النساء من الإهانة والإهمال - إن لم يتعرضن للطلاق - بعد إشباع الأزواج رغباتهم فيهن. ومما يزيد الوضع سوء استخفاف مجتمعنا بشأن الطلاق وتقليله من خطورته وعدم وعيه بآثاره المدمرة.
فمناسبة هذه الذكرى فرصة لمراجعة أنفسنا ومواقفنا تجاه المرأة فننظر إليها من خلال شخصية مام جارة بعين الاحترام والشفقة والتقدير ونهتم ببناتنا وأخواتنا رعايةً وتربيةً وإعدادا وبنسائنا احتراما ومودة ورحمة. لا أشك أبدا في أننا إذا بذلنا جهدا في هذا الصدد سنرى تغيرا إيجابيا كبيرا في المجتمع.
سام بوسو عبد الرحمن
سام بوسو عبد الرحمن
بارك الله فيك ياأستاذناعلي هاذالموضوع الرائع والمناسب
ردحذف