الأحد، 8 مارس 2015

المرأة المسلمة بين الشرق والغرب !

في مثل هذا اليوم، ٨ مارس من كل سنة، تحتل قضية المرأة مكان الصدارة في وسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ ويتم استعراض ما حققته من تقدم في مختلف مجالات الحياة وما تتعرض لها من جور وظلم واضطهاد. وفي أوساط المسلمين يدور السجال عادةً حول مكانة المرأة في المجتمع وحقوقها وحرياتها. وبسبب اختلاف المنطلقات الفكرية توجد مواقف متباينة؛ فهناك من يتبنى معايير الغرب ومن يعتمد معايير الشرق في تقييم أوضاع المرأة. وكلا الطرفين يدعيان الاعتماد على تعاليم الإسلام ويستنطقان نصوصه.
في واقع الأمر، يريد الفريق الأول من المرأة أن تسلك سلوك الرجال وتتساوى معه في جميع الأوضاع والظروف ويبررون هذه الرؤية بقوله تعالى "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن"1 وبالأثر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم "النساء شقائق الرجال "2 ونحوهما. وفي المقابل يرى أصحاب الاتجاه الثاني أن للمرأة أدوارا معينة في الحياة وفي مقدمتها رعاية البيت وتربية الأولاد وما شاكلها، ولا لها أن تخرج أو تمارس عملا يمكن للرجل أن يقوم بها، ويستدلون بنصوص شرعية مثل قوله تعالى " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " 3 وقوله تعالى "الرجال قوامون على النساء " 4

ويظهر في الاتجاهين كليهما متطرفون يطلقون للمرأة عنانها وينشدون لها الاستقلال التام أو يحرمونها من كافة الفرص لتحقيق ذاتيتها وبناء شخصيتها. وفي خضم هذا السجال تختفي أحيانا وسطية الإسلام ومعها مصلحة المرأة ومكانتها التي أعطاها إياها.
والمتأمل في واقع المجتمع الإسلامي يرى أن المسلمين على مستوى الخطاب النظري يميلون إلى الاتجاه الشرقي وعلى مستوى السلوك العملي ينزعون نحو الاتجاه الغربي!

فرؤية الإسلام عن المرأة وحريتها ومسئوليها تختلف في الحقيقة عن نظر الغرب إليها باعتبارها كائنا مطلق الحرية يتصرف كما تمليه عليه أهواؤه، وتتميز أيضاً عن عادات الشرق في حبس المرأة وحرمانها من أهليتها وحقها في التصرف. فالإسلام يقرر أن المرأة لا تختلف عن الرجل في سبيل كسب الخيرات والترقي الروحي " ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو انثى وهو مومن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"5 ويرسم لها حدودها كما رسم للرجل حدوده؛ وعلى هذا الأساس فتح لها باب التعلم لاكتساب المعارف والكفاءات والاتجاهات الضرورية لتحقيق سعادتها الدنيوية والأخروية.

واعتقادي أن الأولوية الآن للمسلمين ليست فقط تأكيد ما أعطاه الإسلام للمرأة من مكانة في مواجهة الاتهامات الغربية بل توفير شروط النمو المتكامل لها حسب التوجيهات الإسلامية. فما ذا نستفيد من أسبقية ديننا الحنيف في تكريم المرأة إذا كنا نحن المسلمين في واقع حياتنا لا نكرمها ولا نُسخر لها كافة الإمكانيات لبناء شخصيتها ؟ وما ذا نستفيد إذا لم نتخذ الاجراءات الضرورية لحمايتها ورعاية صحتها وضمان نموها؟!

الهوامش
1النساء، ٣٢
2أخرجه الإمام أحمد،٥٨٦٩
3الأحزاب، ٣٣
4النساء، ٣٤
5النساء، ١٢٤

مقالات ذات صلة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...