الاثنين، 15 يوليو 2013

الشهادة الثانوية العربية.. وخطوة مهمة نحو الحل !


وقَّع رئيس الجمهورية السيد ماكي صال بتاريخ 1 يوليو 2013 م على المرسوم رقم 2013- 913 المتعلق بتنظيم الشهادة الثانوية العربية الرسمية؛ وهذا القرار يمثل بكل المقاييس حدثا تاريخيا بالنسبة للتعليم العربي الإسلامي في السنغال، فقد جاء تلبيةً لمطلب يُعدُّ من أهم مطالب المستعربين وغيرهم من المهتمين بالثقافة العربية الإسلامية وحلا لمشكلة شائكة طالما اعترضت سبيل دارسي اللغة العربية.
وفي الحقيقة لم يأت هذا القرار من فراغ، بل إنه تتويج لمساع شاقة وجهود مضنية سيسجلها التاريخ، قامت بها أطراف عدة من المؤسسات التربوية الإسلامية ومن جهات حكومية في أعقاب الأزمة التي اندلعت في السنة الماضية 2012 نتيجة عدم قبول الشهادات الثانوية التي تصدرها المدارس العربية الحرة في مسابقات تعيين الطلبة المعلمين.
ففي مقال نشرتُه في المدونة حول القضية، بتاريخ 12 يونيو 2012 م، كتبتُ ما يلي" في رأيي أن على مسئولى أهم مؤسسات التعليم العربي الحر في السنغال أن ينتهزوا هذه الفرصة السانحة ويأخذوا بزمام المبادرة للتنسيق فيما بينهم وللاتصال بالسلطات التعليمية للتفاهم معها حول الاجراءات اللازمة لحل المشكلة حلا نهائيا في أقرب وقت ممكن" وكان لهذه الدعوة - فيما يبدو - صدى حقيقي لدى المعنيين.

وفي خضمِّ تلك الأحداث، ظهرت مبادرة طيبة من قبل هؤلاء المسئولين لعقد اجتماعات من أجل دراسة الموقف وتنسيق الجهود لإيجاد حل نهائي  للمشكلة من خلال توحيد البرامج التعليمية ووضع منهاج مشترك بين مؤسساتهم الأهلية كخطوة أولى في السعي للحصول على شهادة ثانوية عربية وطنية.
ولهذه الغاية تم تشكيل لجنة تنسيق سميت بـ"لجنة السهر على التعليم العربي الاسلامي في السنغال" وقامت هذه اللجنة بوضع خارطة طريق أدت إلى وضع مقرر موحد للمرحلة الثانوية شاركت جميع المؤسسات الأهلية الكبيرة في عملية إعداده، فتم اعتماده بتاريخ 22 سبتمبر 2012.
وقد أبدت كافة المؤسسات المشاركة في العملية مرونة كبيرة، وكانت الجلسات التي عقدت في كل من معهد الأزهر بكيجواي ومدرسة الفلاح بكُلوبان جلسات ممتعة سادها جو من الود والتفاهم.
وأثناء العمل لوضع المنهاج كانت الاتصالات مع السلطات التربوية (وزارة التربية ووزارة التعليم العالي ) تجري بصفة إيجابية، فقد انعقدت عدة اجتماعات شارك فيها مسئولون من وزارة التربية ومن المعهد الإسلامي بداكار والمفتشية العامة واجتماعات أخرى مع قسم التعليم العربية لجامعة شيخ أنت جوب و Office du Bac

ومن ناحية أخرى قامت اللجنة بجولة إلى الزعامات الدينية في البلاد لإطلاعها على التطورات ولحشد تأييدها للقضية. وبالجملة، قد أبلت هذه اللجنة بلاء حسنا في التخطيط والتنظيم والتنسيق والتواصل مع جميع الجهات المعنية من ساسة ورجال دين ومسئولي جمعيات حتى تمكنت بعون الله من الوصول إلى هذا الإنجاز التاريخي.
وهكذا تضافرت جهود مخلصة بعد أن أيقظت "أزمة الشهادة الثانوية " وعي المعنيين بالتعليم العربي الاسلامي بضرورة إيجاد حل نهائي لها فقدمت كافة الأطراف تنازلات لحساب المصلحة العامة.

وهذه القضية تدعو إلى التفاؤل بأن إمكانية التعاون بين العاملين في الساحة الإسلامية موجودة بالفعل على الرغم من اختلاف المشارب والاتجاهات والأيديولوجيات، فلم تحل القناعات الفكرية دون الاتفاق على برنامج ثانوي موحد اعتمادا على المواد والموضوعات والمحتويات المشتركة بين أهم المؤسسات التربوية الإسلامية. كما أن المقارنة بين البرامج المختلقة كشفت عن حقيقة مذهلة وهي أن أكثر من 80٪ من الموضوعات المقررة في مختلف المواد متفق عليها بين هذه المؤسسات على عكس ما يظنه البعض وإن كانت المحتويات والكتب المدرسية المعتمدة تختلف من معهد لآخر.

وفي انتظار القرار الوزاري المرتقب والذي يتعلق بالجوانب التنظيمية، نود أن نحيي هنا موقف السيد رئيس الجمهورية ونقدر جهود أصحاب المؤسسات التربوية وننوه بأداء جميع أعضاء لجنة السهر؛ فقد أداروا عملية التنسيق بكل حِرفية وجدية وتفان.

ولا بد في الختام من لفت انتباه الجميع إلى أن مسئولية المعنيين بالتعليم العربي الإسلامي أصبحت أكبر بكثير مما كانت عليه، لما يخلقه هذا القرار من تحديات جسيمة تتطلب مزيدا من الجدية والانضباط والقدرة على التخطيط والتنظيم والتسيير لكي يكون الدارسون على المستوى المطلوب للنجاح في امتحان هذه الشهادة، فقد تحول الرهان الأساسي للتعليم العربي من الآن فصاعدا إلى رهان الجودة والفعالية.

                                          سام بوسو عبد الرحمن
                                           تياس 15 يوليو 2013

هناك 4 تعليقات:

  1. محمد المصطفى لى15 يوليو 2013 في 5:33 م

    جزاكم الله خيرا من اهتمامكم البالغة للقضايا المدارس العربية الإسلامية كثر الله أمثالكم فى مجتمعنا اللهم آمين

    ردحذف
  2. بوصو شريف احمد15 يوليو 2013 في 6:15 م

    بارك الله فيكم وايدكم بنصره ورزق المستعربين بقطف ثمرتها وايد غرز السيد الرئيس ببركةالشهرالمصادف المبارك

    ردحذف
  3. حقااته حدث تاريخي , يستحق التقديروالتشجيع من كل المستعربين بل من كل المسلمين الغيورين على دينهم ولغته,والشكر لكل من بذلواجهدالإنجاحه.هنيهالناجميعا |

    ردحذف
  4. المفتش عمر تيام22 يوليو 2013 في 4:29 م

    لقد قرأت المرسوم الرئاسي القاضي بتنظيم شهادة ثانوية عربية رسمية لأول مرة في تاريخ نظامنا التربوي بصفة عامة ، وتابعت محتوياته باهتمام بالغ مما جعلني أحس بما يحسه معظم الدارسين والمهتمين والمتتبعين للغة العربية والثقافة الإسلامية في بلادنا من غبطة وفخر واعتزاز لهذا المكتسب الغالي والثمين .
    بيد أنني أود أن أشير إلى أنه وردت في الجزء المتعلق باختيار الشعب صياغة خلقت  لي مشكلة مفهومية أزعجتني كثيرا ، ويتعلق الأمر هنا بـهذه العبارة :  ¨ civilisations   arabes ¨  
    وأنا أرى تناسبية كلمة islamiques أي :civilisations islamiques ، أو نقول بالجملة: arabo-islamiques لأن هناك تمايزا بين الكلمتين في مستويات معينة، أي هناك نقاط اختلاف وائتلاف بينهما، فليست كل الحضارة العربية إسلامية ، واعتقد أننا بكوننا جزءا لا يتجزأ من الأمة الإسلامية ينبغي أن نعلم أبناءنا وبناتنا الحضارة الإسلامية التي تحتضن مساحة كبيرة من الحضارة العربية وليس كلها .
    ويقر في اعتقادي أنه بموازاة مادة الأدب العربيlittératures   فإن هذه الأخيرة كفيلة بتكملة وإبراز جوانب مهمة من الحضارة العربية وثقافتها .
     
    عمر مختار تيام ـ مشرف تربوي بمفتشية التربية والتكوين لرفسك المقاطعة

    ردحذف

إشكاليات في بعض المفاهيم المريدية… إصدارٌ جديد للدكتور خادم سِيلا

تمثِّل المفاهيمُ أدواتٍ ضروريةً لبناء المعارف وتوجيهِ التفكير، ولذلك تؤثر تأثيراً بالغا في مواقف الناس وسلوكياتهم. وهي تتشكَّل ضمن سياقات مع...