الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

الشجار في مجلس الشعب ... ما هي الدلالات؟


طالعتنا وسائل الاعلام صباح الْيَوْم الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٨ بما وقع في مجلس الشعب من عراك وتشابك بالأيدي وما رافق ذلك من تسابب وتشاتم بين نواب ينتمون إلى المعارضة وآخرين من التحالف الحاكم.
فهذا المشهد المشين الذي قدّمه نوابنا ُفي مجلس الشعب أمام أعين العالم مشهد مثير للشفقة، ومستحق للشجب والإدانة، ولكنه في حقيقة الأمر يدعونا جميعا إلى وقفة تأمل جادة.
ففي الوقت الذي يشكو المواطنون من تنامي أعمال العنف في شوارعنا، وفِي ملاعبنا، وفي بيوتنا، لا يُتوقع مثل هذا السلوك من نُوَّابِهم. إن المتوقَّع ممن اختاره الشعب ليمثله هو أن يكون على مستوى المسئولية من حيث الوعي والكفاءة والسلوك ويقدم مثالا في الرزانة والمروءة، لا أن يُحوِّل زمرَ الديموقراطية والحوار والنقاش الهادف في البلاد إلى حلبة للملاكمة وساحة للتشاجر والتشاتم.
فلم يكن السبب وراء الصراع فيما يبدو خلافَ الأطراف حول قضية مصيرية يتعلق بحياة المواطنين ومستقبلهم، ولكنه نزاعٌ حول الحصة الزمنية المخصصة لنواب المعارضة، حسب ما أوردته الصحف.
فقد أصبح هذا المجلس ُيشبه منبرًا للتنابز والتنافح بدلاً من أن يكون مَرصداً لمراقبة السلطة التنفيذية، أو قناةً لتوصيل هموم الشعب إليها، أو منارًا لتوجيه سياساتها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ماهي الأسباب التي أوصلت نوابنا إلى هذا المستوى المُتَدنِّي، حتى استبدلوا اللكماتِ والشتائمَ والشجار بالحجج والبراهين والحوار؟
فلا أملك جوابا قاطعا لهذا السؤال الوجيه، ولكنَّ هذه الحادثةَ في نظري تكشف عن خلل ما في منظومتنا التربوية، كما تعكس أزمةً يُعيشها نظامنا الديموقراطي.


إن التربية السليمة هي المسئولة عن بناء شخصيَّة واعيةٍ ورزينةٍ تُقدر مسئولياتها حق قدرها، ولاتفقد أعصابها لأمور تافهة. والديمقراطيةُ السليمة هي التي تنفتح على أصحاب الكفاءات والرؤى والقيم الأخلاقية ولا يكون حكراً على أصحاب الحيل والمرتزقين. ولا نقول بأن هذين الوصفين ينطبقان على جميع المشتغلين بالسياسة في بلدنا ولكنهما منتشران في الوسط الساسي. والآن قد اختلط الحابل بالنابل!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إشكاليات في بعض المفاهيم المريدية… إصدارٌ جديد للدكتور خادم سِيلا

تمثِّل المفاهيمُ أدواتٍ ضروريةً لبناء المعارف وتوجيهِ التفكير، ولذلك تؤثر تأثيراً بالغا في مواقف الناس وسلوكياتهم. وهي تتشكَّل ضمن سياقات مع...