الجمعة، 25 يناير 2019

التطرف السياسي أشدّ خطورة !

لم أكن أرى ضرورة الكتابة في الشأن السياسي في الوضع الحالي بسبب طغيان العواطف، واختلاط الحابل بالنابل، وظهور علامات التطرف في المواقف السياسية، وقلة أملي في تأثير صوتي على مجريات الأحداث.
ولكن  على الرغم من طبيعتي المتفائلة فقد أفزعني للغاية  تسجيل صوتي  بُعث إلي صباح اليوم عبر الوتشاب وتضمَّن  دعوة سافرة إلى العنف، بل إلى ما يشبه حربا أهلية أو قَبَلية لأسباب سياسية،  فرأيت أن الوضع  يستحق منا وفقة تأمل قبل أن يستفحل.

إن المتابع للمناقشات والمشاركات في شبكات التواصل الاجتماعية وفي البرامج التفاعلية يلمس في الواقع نوعاً من التصاعد في لهجة التهديد والوعيد والإنذار، كما يرى تشدّدا إن لم نقل تطرفا في المواقف من جهة الأطراف المتنازعة حول السلطلة في ظل غياب أي حوار بناء. وقد بدأت يلوح في الأفق تحوُّلُ هذه الأقوال إلى أفعال.

فأنا لم أتذكر فيما مضى ظروفا سياسية أثارت نعرات قبلية وحساسيات طائفية في البلاد مثل ما أثارته حالتُنا السياسية الراهنية. ولا يخفى على أحد خطورة تغذية هذه النزعات القبلية والطائفية على سلم المجتمع وأمنه واستقراره.

وقد يكون في الاحتياطات والإجراءات الأمنية المتشددة فعاليةٌ في تهدئة الأوضاع وحفظ الأمن في الشوراع بصورة موقتة،  ولكنها لا تنزع من القلوب والعقول بذور العداوة الكراهية والحقد التي يزرعها ويرويها خطاب الساسة وتصرفاتهم.

وإذا أصبح البلد محاطاً بكثير من بؤر الصراع والاضطراب وهدفاً لمطامع الدول العظمى والشركات الكبرى، ومُستهدفاً من قبل عصابات التهريب والإجرام، فإنه يحتاجُ إلى "أولي بقية ينهون عن الفساد" ويُذكرون جميع المعنيين بمسئولياتهم التاريخية.

وفي مقدّمة تلك المسئوليات المحافظةُ على الإرث الديموقراطي الهش الذي ما زال بحاجة إلى تعزيز وتقوية، وهي مسئولة مشتركة بين  السلطة والمعارضة والقضاء والصحافة والمجتمع المدني ...؛ فلا تتحقق الديمقراطية بدون قضاء عادل ومستقل، وصحافة شجاعة وحرة. وقد شهد العالم في السنوات الأخيرة دولا قوية قد شارفت على الانهيار بسبب غياب ديموقراطية حقيقية فيها، لأن غيابها يغذي مختلف النزعات المتطرفة في المجتمع.

 والمهم في هذا الظرف الحرج أن يدرك الجميع أن التطرف في الاستماتة على السلطة أو في السعي إليها دون احترام قواعد اللعبة الديموقراطية يُمثِّل أكبر خطر يهدد السلم والأمن والاستقرار في هذا الوطن.

مقالات ذات صلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...