من النادر أن نكتب شهادةً لحي يرزق، ولكنني هذه المرة أود أن أخالف هذا العرف السائد وأسجل شهادة للتاريخ، بعد إذاعة الخبر السارّ المتعلق بإنشاء إدارة وطنية للمدارس القرآنية في وزارة التربية الوطنية، وإسنادها إلى زميلنا المفتش بابكر صامب.
إن قرارَ رئيس الجمهورية تحويلَ مفتشية المدارس القرآنية إلى إدارة وطنية لم يأت، في الحقيقة، من فراغ؛ فوراء هذا القرار جهودٌ جبارة بذلها مخلصون عديدون متفانون في خدمة التعليم القرآني في البلاد، منذ أكثر من عقدين من الزمن.
فقد مرّت بعدة محطات تلك المحاولاتُ والمساعي التي كانت ترمي إلى تعزيز مكانة التعليم القرآني على المستوى المؤسساتي وإدماجه في النظام التربوي الرسمي، وظهرت مبادرات عدة في الساحة من جهات رسمية، ومن منظمات غير حكومية، ومن مسؤولي مدارس قرآنية ومحبين للقرآن الكريم.
ومن أبرز هذه البرامج والمبادرات في السنوات الأخيرة إقامةُ مشروع لدعم عملية تحديث المدارس القرآنية PAMOD وإنشاءُ مفتشيةٍ للمدارس القرآنية داخل وزارة التربية.
ولكن الفضل في اتخاذ هذا القرار التاريخي بإنشاء إدارة وطنية يرجع بشكل كبير إلى المفتش السيد بابكر صمب وفريق عمله.
فقد نجح السيد بابكر وأعوانه في بلورة رؤية واضحة لسياسة تطوير المدارس القرآنية ورسم استراتجيات فعالة لتنفيذ هذه السياسة، وتمكن بفضل ما يتمتع به من حكمة ورزانة ودماثة وانفتاح من تعبئة الكفاءات المختلفة اللازمة لتسيير مشاريع المفتشية بشكل جيد. وقد أسعفته - بحمد الله تعالى - شخصيته المتوازنة والمتواضعة ومستواه الأكاديمي والمهني في كسر الحواجز اللغوية والثقافية التي تعرقل العملَ الجماعي في كثير من مشاريعنا المهمة.
حقيقةً، كانت مفتشية المدارس على مستوى التحديات في الوقت الذي كان التعليم القرآني ومدارسه يعاني مشكلات في الداخل، ويواجه هجمات من الخارج، وأصبحت كل محاولة للإصلاح أو للدفاع عرضة للاتهام، أظهرت بحنكة مديرها قدرةً فائقة في المشي على طريق وعر مع تجنب الكثير من المزالق الطائفية والسياسية والأيديولوجية.
وكان النجاح الباهر في تنظيم أول مسابقة دولية لحفظ القرآن الكريم في السنغال في الأسبوع الماضي تتويجاً لجهود المفتشية. ومن هنا نرى أن تعيين الأخ المفتش بابكر مديراً لإدارة المدارس القرآنية لم يكن اعتباطا ولا تحابيا وإنما استحق هذا المنصب بكل جدارة.
وهذا التعيين، من ناحية أخرى، وسام على صدر جميع المستعربين؛ فقد برهن الأخ بابكر وغيره من زملائنا أصحاب المسؤوليات العليا أن على الدولة أن تستفيد أكثر من كفاءات المستعربين في تسيير شؤون البلاد بفضل ما يتمتعون به من مواصفات يحتاج إليها المجتمع.
ونحن إذ ندوِّن هذه الشهادة لا يعزب عن بالنا أن المسؤولية جسيمة، وأن المهمة ثقيلة، إلا أننا متفائلون كل التفاؤل وواثقون كل الثقة في عون الله تعالى.
نسال الله تعالى أن يوفق أخانا بابكر ويوفق كلَّ من يعمل لصالح نظامنا التربوي عموما والتعليم العربي الإسلامي خصوصاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق