يشهد
السنغال خلال السنوات الأخيرة تحولات
ديموقراطية حقيقية؛ فقد تغير نظام الحكم مرتين خلال اثنتي عشرة سنة. وهذه الطفرة
الديموقراطية أعادت الثقة لدى كثير من المواطنين
وأقنعتهم بأن لأصواتهم تاثيرا في الحياة
السياسية.
وقد
كثَّفت قوى الضغط وأصحاب المصالح مساعيها
للتأثير على القرار السياسي وترسيخ
أقدامها في الساحة السياسية من خلال تأييد
من يلتزم بحماية مصالحها من المترشحين.
فكيف
يمكن ـ في ظل هذه الظروف ـ استغلال العملية
السياسية لصالح المدرسة القرءانية؟
منذ
وصول السنغال إلى الاستقلال ظلت الساحةُ
السياسيةُ حكرا على شريحة معينة من
المواطنين، استعملت وسائل مختلفة لإقصاء
الشرائح الأخرى، تارة باسم علمانية الدولة
وتارة أخرى بتلويث العملية السياسية برذائل
الأقوال والأفعال حتى عافها كثير من أصحاب
المروءة وأهل الصلاح ، ومنهم أهل
القرءان.
ومن
هنا ظل هؤلاء على هامش الحياة السياسية
وظلت مدارسُهم خارج اهتمام الإدارة
العامة، وأصبح جلُّ خطابهم يكتفي بإدانة الإهمال
الذي تتعرض له المدارس القرءانية.
ولكن
التحولات الاخيرة في الساحة السياسية
تدعو أهل القرءان إلي التفكير في إعادة
النظر في موقفهم من الحياة السياسية لا
لغرض الوصول إلى السلطة ومباشرة الحكم، ـ ولهم الحق إن أرادوا ـ ولكن بهدف التأثير فيها تأثيرا حقيقيا
من شأنه أن يُنبهَ الساسةَ إلى ضرورة أخذ
مصلحة المدرسة القرءانية في اعتبارهم.
فلو أن أهل القرءان -
وهم
مَن هم من حيث العدد والتأثير الاجتماعي -
قدموا
مصلحة المدرسة القرءانية في اختياراتهم
السياسية وجاهروا بذلك وأعدُّوا خطابا واضحا
لهذا الغرض لسارَعَ الساسةُ إلى خطب
وُدِّهم، وذلك بإدراج اهتماماتهم في البرامج الانتخابية.
وبهذه
الاستراتجية يمكن تخطي عقبة العلمانية
للاستفادة من الطفرة الديموقراطية دون
إتاحة الفرصة للعلمانيين لكي يشنوا
هجماتهم على أهل القرءان ويؤلِّبوا أعداء
الدين عليهم.
فلم
يعد من المقبول ـ في نظري ـ اتخاذ مواقف سلبية
تجاه الحياة السياسية والاكتفاء بالشجب
والإدانة مع إفساح المجال لجماعات ضغط
أخرى ليُحكموا القبض على مقاليد الأمور
ومقدرات الوطن، مع أن اللعبة السياسية
أصبحت الآن أكثر انفتاحا، فالشعب هو صاحب
السيادة في نهاية الأمر، ولا ينبغي تركه فريسة لثلة من الساسة لا بضاعة لأكثرهم سوى
وعود براقة.
ولعل
في الانتخابات المحلية المقبلة فرصةً سانحةً للمهتمين بالمدارس القرءان ليتكتلوا ويرفعوا أصواتهم لمطالبة السياسيين المترشحين
في مختلف المناطق بتوضيح برامجهم ومواقفهم
تجاه رعاية المدارس القرءانية في حالة
الفوز بالبلديات أوالمجالس الإقليمية .
وذلك
في رأينا من أسرع الوسائل لجذب الانتباه
إلى هذه المدارس ووضعها في بؤرة الاهتمامات.
مقالات ذات صلة:
رابطة المدارس القرءانية في السنغال .. وتحديات المرحلة
قضية الأطفال أم قضية المدارس القرآنية؟!
الشيخ أحمد بمب والقرآن الكريم
مقالات ذات صلة:
رابطة المدارس القرءانية في السنغال .. وتحديات المرحلة
قضية الأطفال أم قضية المدارس القرآنية؟!
الشيخ أحمد بمب والقرآن الكريم
نعم ٌ انه لمقال بناء وثري ، آعتقد آنه فات آوان الهجوم والنقد والصراخ كما هو الحال بعيد الاستقلال . لقد تغيرت المعطيات والظروف. على كل مواطن آن يشعر بآن له دورا يلعبه في سير الحياة وبمجرد القيام بذلك يتمتع بحقوقه . فآهل القرءان يشكلون جزءا كبيرا من حملة آعمدة آلبلاد. وعلئ هذا، يجب تغيير الخطاب وتطويعه مع الظروف المستجدة. لم نعد في زمان الهجوم ولا الصراخ ، بل نحن في عصر الاقناع والبرهنة "قل هاتوا برهانكم ٌان كنتم صادقين". عليهم ان يتاكدوا من آن الشعب يسود على الساسة،والشعب يفضل القرءان علئ غيره. وطبقا لذلك من آهمل القرءان آهمله الشعب اذ اقام آهل القرءان بما ينتظر منهم نحو الشعب. فليؤمن آهل القرءان بقوله تعالئ آنا نحن نزلنا الذكر وآنا له لحافظون والذي يحفظ القرءان لا محالة يحفظ آهله آن هم آخلصوا وتوكلوا علي الله.
ردحذف
ردحذفومن الأهمية بمكان ان نوجه اولا تهانينا القلبية وتشكراتنا الى سيادة المفتش سرين سام بوصو على هذه الجهود المباركة لإنشاء هذه المدونة القيمة التي تحتوي في صفحاتها معلومات قيمة جداً لايستغني عنها باحث او متعلم ، لما تقوم به من تتبع أحداث العصرومستجداته، وتوعية الناس وتثقيفهم وفتح عقولهم بما يتلاعب به البعض من شن الهجوم ضد الاسلام ومصالحه ، ومن غير شك أنها أكثر أهمية وافضل من كثير من المواقع الإلكترونية ، وكثير منها لا يمكن الاستفادة منها بشي ء يفيد الناس في حياتهم او دينهم ، ومن يتابع ما ينشر فيها بلا شك انه يستفيد في دينه وحياته .
وأما تعليقي بشان المدارس القرانية ، وقبل أسبوع تقريبا من يوم إعلان المؤتمر القراني عبر وسائل الإعلام المرئية ، كنت أتابع بعض الحلقات في الإعلام ، ولكن شعرت بالقلق والدهشة بما كنت اسمعه أحيانا من الإيذاء والإساءة وتشويه صورة كثير من مقدساتنا وما نحترمه في الاسلام ومنه أئمة المساجد ومعلمي القران والأساتذة والشيوخ وغيرهم ممن لهم دور كبير في نشر الاسلام ، فيقوم البعض با الاساءة اليهم وتشويه صورتهم ، وإفساد سمعتهم بهدف إذا رآهم من ليس له معرفة او تمييز ،يتبادر الى ذهنه مباشرة ان هذا او ذاك من ضمن تلك الفئة التي يساء إليها ولكن عندما رأيت إعلان المؤتمر وما ذكره فيه الأستاذ الحاج نجاي شيخ ندند من المشروعات التي يريدون إنجازها فيه اطمان قلبي وعلمت بان الله سينصر دينه وتذكرت قول المولى عزوجل : انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون . وقوله تعالى : يريدون ان يطفووا نور الله بافواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
صدق الله العظيم
شكرا فضيلة الشيخ سيدي احمد على التعليق القيم
حذفنعم، آن الأوان لأهل القرءان أن يعيدوا النظر في موقفهم من الحياة السياسية وخاصة من رجال السياسة: هذه الشرذمة من الساسة الذين "لا بضاعة لأكثرهم سوى وعود براقة." هذا الوصف الثاقب، صفة ملاصقة لهذه الشرذمة السياسية، وهي إحدى الدواعي الكثيرة التي تسد منافذ الثقة فيهم وتجعل الاتكال عليهم لحل معضلات واقعنا القرآني لا يسمن ولا يغني من جوع. ذلك أن من السهل جدا لهـؤلاء "السياسيين المترشحين في مختلف المناطق" أن يقوموا "بتوضيح برامجهم ومواقفهم تجاه رعاية المدارس القرءانية في حالة الفوز بالبلديات أوالمجالس الإقليمية". ولكن الأسهل لهم من ذلك بكثير - للأسف الشديد - هو أن يضربوا بوعودهم عرض الحائط فور نيلهم لأوطارهم السياسية. لذلك فالإستراتيجية التي آن الأوان ليجربها أهل القرءان (ومفهوم أهل القرءان أوسع مما قد يظن البعض) هي – بعد التكتل الضروري الذي أشرت إليه – أن يغشوا بأنفسهم الساحة السياسية لا باسم القرءان ولكن بفعل القرءان. ما معنى ذلك؟
ردحذفऀإن التجربة السياسية الأولية التي لا مندوحة لهم عن أن يمروا بها ويطيلوا المكث فيها هي الأخذ بزمام الأمور على مستوى البلديات والمجالس الإقليمية والريفية، ولو بالتدرج بين هذه المحطات الانتخابية. هذه المرحلة الأولى من التجربة السياسية ينبغي لأهل القرءان أن يجتازوها لأنها سوف تكسبهم أوليات سياسية ضرورية، منها: أ- إنها ستفتح لهم مجالا خصبا لتفعيل بديل سياسي أساسه الأخلاق، الأمر الذي – إذا نجحوا فيه (بفعل القرءان) – سوف يوفر لهم مكاسب شعبية لا حد لها. ب- ستكون فرصة سانحة لهم للتدرب على تسيير الشأن العام والتمكن منه قبل الرمي إلى محطات سياسية أعلى. أضف إليهما أن مدارسهم القرءانية، في ظل سياستهم، سوف لا تشتكي مما تشتكي منه الآن من أصناف التهميش والازدراء بأهلها. والمفتاح الذي يفتح لأهل القرءان بوابة الخوض في هذه التجربة السياسية الأولية هو التكيف مع علمانية الدولة وتبني قواعد اللعبة الديموقراطية التي بدونها لا يسمح لهم بخوض المنافسات السياسية، أي لا "باسم القرءان". وإذا انفتح أمامهم باب هذه المنافسات فلن يتأتى لهم إحراز أي نجاح سياسي إلا إذا جاءوا ببديل سياسي على أساس خلقي متين، أي إذا اصطبغت سياستهم "بفعل القرءان".
وإذا لم يأخذ أهل القرءان مسئولياتهم السياسية فإنهم إما أن يكونوا مطية للشرذمة السياسية تمتطيهم لتحقيق أغراض لا تخدم الصالح العام كما هو الغالب في الحال الراهنة؛ أو يظلوا في معزل عن تسيير الشأن العام، ومعناه البسيط إخلاء السبيل لمن يعيثون في البلاد الفساد. وفي كلا الحالين: أهلا وسهلا ومرحبا بالعيش المهين.
بارك الله فيكم ياشيخنا . مايتقص أهل القرآن قيادة حكيمة يفهم واقع العصر ويعرف كيف يصل بهم إلى حقوقهماالمصلوبة بطريقة ديمقراطية وبدون تجريح لأحد .لذاكنت أرى أن يقدم أمثالكم - الذين يفهمون الواقع السياسى ولديهم رؤية نافذة- بعض اقتراحات للرابطة مدارس القرآنية لعلهم يقبلونها أو يقبلون بعضها .حتى ولو لتشكيل حزب السياسى .مازال السنغاليون يحبون القرآن ويحبون أهله والمداؤس القرآنية تكتظ بالطلاب هم أبناء بعض الناخبين وعددهم ليس بقليل .آن الأوان أن نغير هذاالمنهج الدفاعى ونبدأ المنهج الهجومى للمشاركة فى الحياة السياسية بطريقة أمثل وبطريقة مقنعة للمنتمين لأهل القرآن
ردحذفادعو اخوتي القراء الى امعان النظر في هذه التعليقات القيمة التي تدل على فهم اصحابها للرهانات الحقيقية في هذه الظروف فجزاهم الله خيرا
ردحذف