الخميس، 6 فبراير 2014

إنها تجربةٌ تدعو إلى التفاؤل!

خرجتُ بمزيد من الشعور الإيجابي والتفاؤل بمستقبل الإسلام في بلدنا بعد تجربة عشتُها مع بعض المؤسسات الإسلامية  في إطار سعيها لإيجاد شهادة ثانوية عربية إسلامية رسمية.
فقد أظهرت هذه التجربة  قدرة المسلمين في  السنغال على تجاوز اختلافاتهم الفكرية وانتماءاتهم الطائفية للوصول إلى هدف مشترك.


قبل سنتين قررت السلطات التربوية في البلاد عدم اعتماد الشهادة الإعدادية في مسابقات الانخراط في سلك المعلمين وتجلت مشكلة عدم اعتراف الشهادات الثانوية التي تصدرها مؤسسات التعليم العربي السنغالية، فهبَّ مسئولو هذه المؤسسات بمختلف اتجاهاتهم وتياراتهم الفكرية: (مؤسسة الأزهر وحركة الفلاح ، وجماعة عباد الرحمن، واتحاد الجمعيات الاسلامية ، الخ... ) وذلك لإيجاد حل لهذه المشكلة، فعقدوا عدة جلسات  بعد أن شكلوا  "لجنة للسهر على التعليم العربي الإسلامي وقاموا في تلك الجلسات بإجراء مقارنة دقيقة بين مناهجهم من حيث المواد والموضوعات المقررة في كل مادة. وانطلاقا من الجذور المشتركة بين تلك المقررات تم بناء منهج موحد للمرحلة الثانوية.

واعتمادا على هذا المنهج أُجريت اتصالات ومفاوضات مكثفة مع السلطات التربوية السنغالية لدفعها إلى إيجاد شهادة ثانوية عربية رسمية. وجاءت النتيجة مذهلة؛ فقد لبت الحكومة في فترة قياسية رغبة هذه المؤسسات فعقدت جلسات فنية كثيرة بين الاطراف المعنية : ( لجنة السهر، المعهد الإسلامي بداكار، القسم التعليم العربي بوزارة التربية، القسم العربي بجامعة دكار، مصلحة بكالوريا، المفتشية العامة للتربية الوطنية).

وبعد أشهر من لقاءات مثمرة مع السلطات والشيوخ، أصدر رئيس الجمهورية مرسوما غير بموجبه نظام الامتحان للشهادة الثانوية السنغالية لإدراج قسم جديد يخص اللغة العربية، كما وعد وزير التعليم العالي بإنشاء جامعة لاستقبال حملة هذه الشهادة.

خلال مشاركتي في أعمال هذه اللجنة التي نظمت عدة اجتماعات في معهد الأزهر بغيجواي ومدرسة الفلاح بكلوبان  حضرها  ممثلو أهم مؤسسات التعليم العربي الأهلي كنت معجبا للغاية بالجو الودي الذي كان يسود هذه الاجتماعات وبروح التفاهم والتعاون وغياب أي نزعة تعصبية  فيها، فلم نشهد في واقع الأمر أي طرف يستميت برأيه بشكل يعرقل سير العمل.

وأروع اكتشاف عندي أسفرت عنه عمليات المقارنة هو أن الجوانب المشتركة في تلك المناهج لا تقاس بالجوانب المختلف فيها فقد ظهر جليا أن أكثر من ٩٠ بالمائة من المواد والموضوعات متفق عليها، وأن نقاط الاختلاف لم تكن لتصمد طويلا أمام إرادة وحدوية قوية.

وبخلاف ما يعتقد كثير من الناس، أظن أن ما يربط بين المسلمين في المجتمع السنغالى أقوى بكثير من خلافاتهم الفكرية المستوردة التي يمكن أن تذوب وتتلاشى أمام قضاياهم الكبرى ومصالحهم العليا، فلا تنقصهم غالبا في رأيي سوى آليات تنسيقية فعالة. ومهما يكن من أمر فإن هذه التجربة تعتبر نموذجا رائعا يدعو فعلا إلى التفاؤل!
                        سام بوسو عبد الرحمن

مقالات ذات علاقة:


هناك تعليق واحد:

  1. مقالة في صميم الجودة..أجل ياأستاذ نحتاج إلى مثل هذه النظرة الثاقبة الهادفة إلى لمّ الشمل والوحدة،فبذلك نتمكن من دفع عجلة التعليم العربي الإسلامي إلى الأمام حتى نظفر بمايظفر به الآخرون أو فوق ذلك..ولعل مثل المبادرات لهي من البشارات على ذلك،وعليه فمادامت الأمور توضع على الطاولة لتناقش فلنتفاءل أكثر..فالمشكلة تكمن في عدم المشاورة والتقاش،وإلا فالأهداف واحدة فكيف لانكون يدا واحدة؟؟!!وشكراللأستاذ الفاضل حماك الله وعافاك.

    ردحذف

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...