الأحد، 10 فبراير 2013

توجيهات غريبة من الرئيس ماكي صال!

نقلت إحدى الصحف قبل يومين خبرا يتعلق باجتماع الرئيس ماكي سال مع مديريه العامِّين في قصر الجمهورية؛ وورد فيه أن من بين التوجيهات الصادرة من الرئيس  ضرورة عمل كل مدير عام للفوز في منطقته في الانتخابات المحلية المقبلة وإلا سيتعرض كل من يخسر دائرته الانتخابية  للعزل من منصبه.
وهذا التوجيه الغريب - إن صدر بالفعل من الرئيس - يدعونا إلى التساؤل حول مصداقية تصريحات السياسيين.
ففي الأيام التالية لفوز ماكي كان يتردد كثيرا على أفواه أنصاره وحلفائه قوله " الوطن قبل الحزب la patrie avant le parti " وهذا مبدأ نبيل يعني أن مصلحة الوطن مقدمة على مصلحة الحزب وأن من أبلى بلاء حسنا في تسيير إدارته اوفي إنجاز مهامه يحظى بالتشجيع والمكافأة لما قدَّمه من خدمة لبلده، فالمفترض أن الإدارات  العامة مناصب تقنية لا سياسية. 
ولكن ذلك التوجيه المنافي لهذا المبدإ يوحي  في المقابل، و بمفهوم المخالفة، إلى أن من نجح في منطقته سياسيا يبقى  في منصبه وإن أساء في تسيير إدارته أو فشل في تحقيق أهدافها. وهذا المنطق النفعي او "البراديجم" السياسي يمثل داء خطيرا كان ينخر جسم الادارة العامة في السنغال منذ الاستقلال، وكانت الآمال قوية في أنه ولى بلا رجعة مع مجيء النظام الجديد بوعوده البراقة. 
إن تحويل الإدارات الى نوع من  الجزاء لقاء الخدمات السياسية تجعلها، في واقع الأمر، أداة تُسخر لتحقيق مكاسب سياسية أو لبناء قاعدة  انتخابية على حساب الغايات الوطنية. وهذا يؤدي بالضرورة إلي نتيجتين خطيرتين: الأولى صرف الموارد المالية والمادية  الخاصة بالادارة من قبل المدير السياسي الى أهداف أخرى  وبالتالي إحداث شلل في سير هذه الإدارة وفعالتها، والثانية التضحية بالكفاءة  والخبرة والإخلاص للوطن، في عمليات التعيين،  لصالح الدهاء السياسي فقط. 
وفي هذه الحالة، لا يُتوقع  من مدير عام عُين بفضل قاعدته السياسية ألا يحابي بدوره "زبائنه" اويقدم اليهم امتيازات لا يستحقونها، مع ما يمكن أن يصاحب ذلك من فساد وإهدار للمال العام.
وهنا يتم تغذية الإحساس بالحرمان والسخط على مؤسسات الدولة لدى المواطنين العادين الكادحين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في العمل السياسي. ولا تسال عما يمكن أن يتسبب من مثل هذا الشعور من تبعات لا يستحقها هذا الشعب مقابل ما قدمه للرئيس ماكي!

مقالات ذات صلة
خدعة "المجتمع المدني" في السنغال !
سيادة القانون .. كيف تتحقق في السنغال؟!
إلى أين يتجه السنغال؟!
هل حققنا الاستقلال؟!

هناك تعليق واحد:

  1. َAbdu Abubakr Abdallah10 فبراير 2013 في 10:42 ص

    اذا صدق هذا الخبر فان الامر لا يعدو كونه. .....مشروع دكتاتور صغير يتولد في سماء واجواء هذا البلد المتحضر. ......!
    لان حتمية الفوز يعني الرشي.....والتزوير.....واستخدام النفوز والتهديد بقطع العيش عن الاتباع مما يستتبع عمل كل ما هو ممكن للفوز....!.
    وهذه سياسة منهجها الكتمان وعدم الشفافية واخراج الشائعات عن المنافسين واحتكار اجهزة الاعلام او منع المعارضة عن حرية الوصول الي المعلومات.....
    ولكن يمكننا المراهنة على وعي هذا الشعب وفئاته المستنيرة على كشف اي محاولات للتلاعب على الديموغراطية والتستر على الفساد والمفسدين.

    ردحذف

الآفاق المستقبلية لإدماج المدارس القرآنية في النظام التربوي الرسمي

بمناسبة الدورة الثالثة للاحتفال باليوم الوطني للدارات في السنغال، نظمت وزارة التربية الوطنية جلسات علمية قيمة في يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024...